يومها.. لا كان ذلك اليوم!

TT

لم أجد إلا حلا واحدا. الحل أذابني دموعا وأشعلني حسرات.. ولولا مرض أمي لأنهيت حياتي بيدي.. ولم أفكر في أن موتي سوف يترك أمي بمرضها وحدها.

هل كنت أبا جاهليا يحمل ابنته لكي يدفنها حية. يدفنها وهو يبكي. لأن البنت عار شخصي وقومي؟ هل كنت مثل الدببة في كندا إذا وقعت في الفخ راحت تمزق رجلها بأسنانها حتى تنجو ببقية الأرجل من الموت؟ هل أحس الناس أنني أمشي في جنازة، أنا فيها الفقيد والكفن والنعش والمشيعون؟ هل كرهت الدنيا كلها في ذلك الوقت؟ هل قلت لنفسي إنني الطالب الأول في المدرسة في كل سنوات الدراسة. وجاء تفوقي خصما من أشياء كثيرة؟ لا أظن أنني فكرت في كل ذلك فأنا طفل صغير.

في ذلك اليوم كان الحل الوحيد هو أن أبيع كل كتبي. حملتها مرة ومرة وكوّمتها عند الرجل الذي يشتري الكتب بالكيلو لكي يبيع فيها الطعمية والمخلل، هو ينظر إلى حجمها وأنا لا أعرف أين أنا، ولماذا أنا وحدي من يبيع كتبه. أما لماذا فحكاية طويلة. وكان منظري وأنا أحمل كتبي على صدري كأنني سرقتها وأتوارى عن عيون الناس. ولا أذكر ماذا قلت.. هل سألتني أمي؟ نعم. وقلت لها إن صديقي سُرقت كتبه وهو في حاجة إلى كتبي أسبوعا ثم يردها لي بعد ذلك.. كم كان ثمن هذه الكتب؟ لا أذكر. ولكني اتجهت إلى الصيدلية.. وأعطاني الطبيب ثلاث زجاجات من الأدوية. سقطت واحدة في الصيدلية فتحطمت وتلوثت الأرض. ويبدو أن الصيدلي قد أدرك حالي. فأتي بواحدة غيرها..

ولا أظن أنني رأيت الطريق والناس.. وعدت إلى البيت ونسيت أن أغلق الباب ورائي. ففوجئت بكلب يطارد قطة. ولم أجد أمي.. لقد خافت فدخلت دورة المياه وأقفلتها عليها..

وأناديها فلا ترد.. لقد سقطت مُغمًى عليها..

ونظرت إلى السماء وقالت: يا رب!

(من مذكرات لم تُنشر بعد).