لكي لا تخسروا أوباما

TT

نشهد اليوم توترا في العلاقات الأميركية - الإسرائيلية، نادرا من نوعه، يأتي على خلفية إطلاق المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، وإعلان إسرائيل بناء مستوطنات جديدة في القدس الشرقية. توتر حدا برئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو للاعتذار مرتين لواشنطن، إحداهما اعتذار علني، والآخر في مكالمة استمرت لمدة 43 دقيقة بينه وبين وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، التي قالت إن خطة إسرائيل لبناء مستوطنات سكنية جديدة بالقدس الشرقية ترسل «إشارة سلبية عميقة»، ناهيك عن أنها أفسدت زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، كما أنها تضر بـ«العلاقة الثنائية» الأميركية - الإسرائيلية.

وبحسب صحيفة الـ«نيويورك تايمز»، تعد تلك لغة صارمة ونادرة من قبل مسؤول أميركي بحق إسرائيل، مضيفة أن مصادر أشارت إلى أن كلينتون كانت تتحدث باسم الرئيس الأميركي أوباما، وتنقل غضبه المباشر تجاه الحكومة الإسرائيلية، أثناء تلك المكالمة، وأنها تعمدت، أي كلينتون، ألا تجري ذلك الاتصال إلا بعد مغادرة بايدن إسرائيل.

حسنا.. ما علاقتنا بذلك؟ الأمر البديهي هنا هو ألا نتبرع، كعادتنا، بارتكاب أخطاء تزيل الضغط عن الطرف الإسرائيلي، سواء بالأفعال أو بالتصريحات العنترية. وأولى النصائح هنا للسيد صائب عريقات، حيث لا داعي للتصريحات المتزايدة، والتهديدية، وخصوصا أننا نكتشف أن جل تلك التصريحات هو للاستهلاك الإعلامي العربي، وخير مثال على ذلك القول بأن السلطة تعتزم عدم الخوض في المفاوضات غير المباشرة احتجاجا على القرار الإسرائيلي الأخير، لنفاجأ بأن الخارجية الأميركية تقول إنها لم تتلق شيئا من هذا القبيل!

وبالنسبة للأفعال، فعلى العرب أيضا أن يتحلوا بالشجاعة هذه المرة ويسموا أي طرف يعمد للقيام بعملية تخريبية، بل والإدانة، سواء بدوافع من الفلسطينيين، أو بدعم من أي طرف عربي. فكم هو مريب أن يتم إطلاق صاروخ تنكي من غزة أثناء مغادرة بايدن الأراضي الإسرائيلية، وسط سخط أميركي، من قرارات إسرائيل الأخيرة، مما حدا بنتنياهو للاعتذار علنا، ناهيك عن إدانة اللجنة الرباعية الدولية للقرارات الاستيطانية الإسرائيلية الأخيرة! وعملية إطلاق الصاروخ تلك تذكرنا بالصواريخ العبثية التي كانت تطلق أثناء وصول أي رئيس وزراء إسرائيلي إلى واشنطن، فما إن يفتح باب طائرته في واشنطن إلا ويبدأ إطلاق الصواريخ، في رعونة سياسية واضحة.

وما يجب أن نتذكره هنا هو أن التوتر الأميركي - الإسرائيلي ليس وليدا للقرار الاستيطاني الأخير في القدس الشرقية، فمن يقرأ الصحافة الإسرائيلية يلاحظ النقمة الإسرائيلية على تجاهل أوباما لتل أبيب، إذ لم يزر الرئيس الأميركي إسرائيل منذ وصوله للبيت الأبيض، بينما قام بزيارة كل من السعودية، وتركيا، ومصر. وهذا أمر يبدو أن بعضا من وسائل إعلامنا وساستنا لا يتنبهون إليه وسط انشغالهم بالحديث عن «التحيز الأميركي لإسرائيل»!

ولذا فمن المهم أن يتنبه الفلسطينيون، والعرب، إلى ضرورة ألا يخسروا أوباما. ففي النهاية.. أمام الرجل انتخابات قادمة، ومصالح داخلية، هي الأهم بالنسبة له إن هو لم يجد من العرب ذكاء، ومرونة سياسية. والمطلوب من الفلسطينيين، والعرب، أمر واحد هو عدم ارتكاب الأخطاء.. فهل ذلك صعب؟

[email protected]