إلى حين الوصول

TT

كلما التقيته يكون قد أوشك على الانتهاء من مشروع وأوشك على البدء في صفقة. لقد اشترى خيولا من ألمانيا من أجل تصديرها إلى دبي. لكن إلى حين وصولها، هل من الممكن مده بـ350 دولارا فقط، يسددها فور وصول الخيول إلى ميناء جبل علي؟ ولكن، مع الاعتذار، هل تستورد الخيول من ألمانيا؟ صحيح. معك حق في السؤال: «لكنني أذهب إلى حيث لا يذهب الآخرون. هكذا أفعل في تجارتي في أفريقيا. دائما أذهب إلى الأماكن الصعبة. هناك الربح أكبر والمنافسة أقل. بالمناسبة عندي باخرة واصلة من ليبيريا إلى بيروت، بعد أسبوعين. هل تسلفني 400 دولار حتى ذلك الحين».

كنت أود أن أسأله لماذا ليبيريا بالذات، لكنه أجابني سلفا. ثم إن لليبيريا ذكريات خاصة لديه.. «تعرف أن الوالد رحمه الله كان يستورد الكاوتشوك من مونروفيا ويصدره إلى أميركا عن طريق السنغال. لكنه اكتشف أن السنغال أفضل وأقرب فانتقل إليها وراح يركز على صيد الأسماك. عندي شحنة سمك مجلد من السنغال إلى الأرجنتين، تصل خلال أقل من عشرة أيام. معك 400 دولار أسددها لك فور انتهاء معاملات الشحن؟».

من المستحيل ألا تصدقه. ليس في مسألة التسديد، فهذه استحالة. ولكن في مواعيد التسليم وبوالص الشحن وتوسع أعماله التجارية. وأنت لا تعرف المرحوم والده، ولا إن كان سافر إلى ليبيريا أو إلى أي مكان خارج بيروت. ومع ذلك لا يمكنك إلا أن تصدق تعابير وجهه عندما يبدأ الحديث عن المرحوم الوالد.

ومرة أخرى تراه عائدا للتو من بلجيكا. لا ليس من بروكسل. هذه مدينة للعاطلين عن العمل. هو عائد من «انتفرب»، مدينة تجارة الماس. لا. هو لا يتاجر عادة في الماس، إنما هكذا بطريق المصادفة تعرف في لندن على تاجر ثري من البرازيل، وسأله هذا إن كانت له صلات في سوق الماس الدولية. حك رأسه قليلا (الفود الأيسر) وتذكره فورا؛ صديق قديم من أيام كان في البحرية الفرنسية (لا ليس في الحرب، بل بعدها) وتم الاتفاق على أن يلتقيه في باريس، حيث يعمل في تجارة الماس ثم يذهبان معا إلى بلجيكا، حيث للصديق علاقات قوية جدا مع كبار تجار «انتفرب». لكن وصول الشحنة إلى البرازيل يستغرق بعض الوقت، بسبب بعد المسافة كما تعرف. ولكن ألا يشحن الماس جوا؟ طبعا. طبعا. ولكن للتمويه والحماية، تم الاتفاق على استخدام المسارب البحرية. معك 500 دولار سلفة إلى حين الوصول؟