إلى متى؟

TT

جوزيف بايدن، نائب الرئيس الأميركي، ليس أكثر الساسة لباقة ولا كياسة، ولديه كثير من الزلات الكلامية والمواقف ما يؤكد ذلك بلا نقاش. في زيارته الأخيرة للدولة العبرية إسرائيل، وبينما كان يحث إسرائيل على الاستفادة من فرصة المباحثات غير المباشرة مع الفلسطينيين لإحياء عملية السلام، إذا بإسرائيل تعلن عن عزمها القيام بإنشاء عشرات الآلاف من المستوطنات في القدس الشرقية.

وبرر رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو «عدم علمه» بهذا القرار، أن القرار خارج سلطته، وهذا التوضيح من نتنياهو لا يستحق سوى تعليق «محدد»، ولكن مع الأسف الشديد لن يلقى موافقة محرر صفحة الرأي، وبالتالي سيحذف. إسرائيل التي يحتاج الناموس والذباب العابر على أجوائها إلى تصريح مسبق، والتي تعتبر دولة شرطية وجاسوسية بامتياز، وفي حالة حرب وطوارئ بلا انقطاع، تجيز لها كسر أي قانون واختراق كل معاهدة، تقول: إنها لم تكن تعلم أن هناك عشرات الآلاف من المستوطنات قد قررت وصرح لها، وأين؟!! في عاصمتهم (بحسب الادعاء الرسمي لإسرائيل). دولة بنيت على كذبة، وتستمر في ممارساتها، وطبعا ما كان من جوزيف بايدن إلا الاتصال برئيسه (بحسب ما شرح هو بنفسه) والذي طلب منه الإدانة الفورية، وأوضح بايدن أن إدانته هذه جاءت بناء على طلب من رئيسه، وكأن الفعلة الإسرائيلية وحدها لا تبرر الإدانة! فما كان من رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو إلا الاعتذار عن عدم معرفته المسبقة (ولم يعترض على البناء نفسه أو يوقفه).

مشهد هزلي كاريكاتوري، وكأن العالم يتابع توبيخ معلم في مدرسة ابتدائية لشقي في أحد فصولها، فيعتذر الطالب، ثم يعاود أفعاله الشنيعة، وفي الوقت نفسه كان بايدن يصرح بأن إيران لن يسمح لها بتملك السلاح النووي، وأن أمن إسرائيل هو من أمن أميركا، متناسيا أن إسرائيل هي العلة الكبرى، وهي أم المشكلات. نعم، النغمة لا تزال قائمة، فالوضع الإسرائيلي لم يتغير، تقول إنها تسعى للسلام، بينما جميع أفعالها على أرض الواقع هي أفعال حرب. من تملك أكبر ترسانة نووية في المنطقة، إلى احتلال أراضي الغير، إلى تهجير سكان الأرض الأصليين وتدمير منازلهم، واختراق العهود والاتفاقيات والمواثيق، وعدم تنفيذ القرارات الدولية، وغيرها من الممارسات الشريرة، كل ذلك يؤكد أن إسرائيل لا تزال هي أم المشكلات. قرار إدانة بناء المستوطنات الإسرائيلية في القدس الشرقية دون وقف التنفيذ، وعقوبات تطال الدولة العبرية المارقة سيكون عضا بلا أسنان و«خربشة» بلا مخالب، وهذا نتاجه أن «تقهقه» إسرائيل ضاحكة من قرار الإدانة هذه، وتستمر في أفعالها غير مبالية، وهذا بطبيعة الحال ما سيحدث. ولكن إلى متى سيظل الناس على صبرهم؟ الوقت يمضي والصبر ينفد.

[email protected]