نتنياهو وأوباما.. وكسر العظام

TT

دخلت العلاقة بين أوباما ونتنياهو إلى منطقة كسر العظام، على خلفية إعلان إسرائيل بناء مستوطنات جديدة بالقدس الشرقية أثناء زيارة نائب الرئيس الأميركي الأخيرة، وهو ما اعتبره الأميركيون تحدياً وإهانة لهم، مما دفع هيلاري كلينتون إلى نقل غضب أوباما لنتنياهو بمكالمة هاتفية عاصفة.

الإسرائيليون بحالة ترقب، وقلق؛ فعلى مستوى الحكومة صدرت أوامر نتنياهو لأعضاء حكومته بالتزام الصمت وعدم مفاقمة الأزمة مع واشنطن، والتي اعتبرها مايكل أورن سفير إسرائيل في واشنطن بأنها أخطر أزمة شهدتها علاقات البلدين منذ عام 1975. وعلى مستوى الصحافة الإسرائيلية كتبت «هآرتس» أن «الأزمة التي كنا نتوقعها منذ زمن بين إسرائيل وأميركا منذ تولي نتنياهو مهامه قد نشبت»، مضيفة أن «ساعة الحقيقة دقت بالنسبة إلى نتنياهو الذي سيضطر للاختيار بين قناعاته الآيديولوجية وتحالفه مع اليمين، وبين ضرورة الحفاظ على دعم واشنطن».

نتنياهو، الذي عاد ليصعِّد مع واشنطن، نصح الصحافيين قائلا «لدى قراءة الصحف أقترح ألا نصاب بالهلع». إلا أن أوساط نتنياهو تقول إنه «فوجئ» برد الفعل الأميركي، وعن ذلك يقول لي مصدر مطلع بواشنطن إن سر مفاجأته هو أنه تلقى التعنيف من هيلاري وليس أوباما، والمفاجأة أن لهيلاري كثيراً من التقدير في إسرائيل الآن، على عكس أوباما. والنفور من أوباما، إسرائيلياً، ليس بالسر، حيث كان هناك ترقب حاشد للاجتماع الأول بين أوباما ونتنياهو بالبيت الأبيض في مايو 2009، وتقول مصادري إنه بعد اللقاء اعتقد نتنياهو أن بوسعه الالتفاف على أوباما من خلال اللجوء إلى أصدقاء إسرائيل بمجلس الشيوخ، لكن نتنياهو فوجئ حينها عندما سمع هناك نفس ما سمعه من أوباما عن ضرورة الشروع بالمفاوضات، ووقف المستوطنات.

هنا يقول لي مصدري إن البيت الأبيض وقتها كان يعتقد بأن حكومة نتنياهو أضعف من أن تصمد لو ضغطت عليها واشنطن، لكن المفاجأة، بحسب المصدر، أن أوباما هو من ضعف. ويضيف المصدر أن أذكى ما فعله نتنياهو وقتها هو الانتظار، حيث أضعفت المشاكل الداخلية أوباما.

وعليه فإننا اليوم أمام مواجهة سياسية من العيار الثقيل بين أوباما المكبل بقضايا داخلية، وطبعه المواجهة، وبين نتنياهو الخائف من زلزال سياسي يسقط حكومته للمرة الثانية بعد أن أسقطه الرئيس السابق بيل كلينتون، ولذا فنحن في مفترق طرق، كما يقول لي دبلوماسي عربي «نتنياهو يريد تفريغ مبادرات أوباما، وضرب مصداقيته، واستغلال الظرف الداخلي الأميركي.. ولذا فنحن أمام مفترق طرق حقيقي، فكيف سيكون التعامل، مثلا، مع إيران، في حال ضربت مصداقية أوباما»؟

نتنياهو يعرف خصمه جيداً، فقد روى الكاتب الأميركي الشهير ديفيد إغناتيوس حادثة مهمة بمقاله في الـ«واشنطن بوست» في 20 مايو 2009 حين التقى نتنياهو يومها بأوباما 2007، يوم لم يكن أحد وقتها يكترث به، وقال نتنياهو حينها لمساعديه «أعتقد أن هذا هو الرئيس المقبل لأميركا». السؤال اليوم هل يصمد نتنياهو، أم تسقط حكومته للمرة الثانية على يد أميركا، أم تزداد جراح أوباما، وتدخل المنطقة في دوامة أخرى، لا تقل خطورة عما سبق؟

[email protected]