حتى لا أتسول في المساجد!

TT

لسبب لم أفهمه أصرت أمي على أن تزور مسجد السيدة زينب وتقرأ الفاتحة وتدعو لي. حاولت أن أعرف منها. لم أفلح. وسألتني إن كنت قد أتيت بالكاميرا لألتقط بعض الصور، فقلت لها: «نعم. معي. ولكن لماذا؟». لم تقل..

وانحنيت أخلع حذاء أمي، وحملته معي. وأمشي وراءها، وكما يفعل كل الناس اتجهت إلى ضريح السيدة زينب، وراحت أمي تقرأ ما تيسر لها من القرآن، ثم الدعوات لي بأن أكون كذا وكذا.. وكنت أدعو لها بالصحة والعافية وطول العمر.

وراحت تصلي، وأنا أيضا. ثم أسندت ظهرها إلى الحائط، وأنا أيضا. وقالت لي: «عاوزة منك خدمة. قلت: خدمة يا ماما؟ أنا خدامك يا أمي.. عاوزة إيه..؟».

قالت شيئا غريبا لم أفهمه.. قالت: «كل واحد أو واحدة تتصدق عليها بقرش، التقط لها صورة..».

اندهشت ولم أفهم، ولا حاولت هي أن تفهمني. وألححت عليها، وهي ترفض، ولم أحاول أن أفهم، فلا بد من أنها ستخبرني عندما نعود إلى البيت. وعدنا، ولم أسألها، ولا هي تطوعت بالإجابة، ثم طلبت مني أن أطبع هذه الصور. وبعد أيام عدت إليها ومعي صور الشحاذين والشحاذات وقلبتها وانتظرت منها تفسير الذي حدث..

ووضعت الصور على منضدة، وقالت لي: «ألم تفهم.. هل هذه الصور تذكرك بشيء؟».

لم أفهم، ولم أتذكر.

وهنا كانت المفاجأة: «هل تذكر لماذا غضبت وجمعت أشيائي وعدت إلى بيت أبي». طبعا أذكر ذلك. قالت: «هل تذكر لماذا». قلت: «أذكر، لكن لا أعرف يا أمي لماذا. لماذا يا أمي؟!».

كان والدي يريدني أن ألتحق بالأزهر. وأمي اعترضت، ففي أسرتها بكوات وباشوات وواحد رئيس وزراء مصر. وتريدني أن أكون مثلهم، لا أن أعيش متسولا في أحد المساجد أمد يدي للناس.. أعطوني أو لم يفعلوا!

(من مذكرات لم تنشر)