الخير الذي يُجنى من تمكين المرأة

TT

إذا كان انطباعك عن المرأة الأفغانية أنها إنسانة تشعر بالخوف، ليست لديها شخصية، وتعيش وسط المشغولات الخيطية، فأنت لم تقابل شفيقة قريشي. وعليه، فلتعلم أن الكولونيل قريشي، حصلت على لقبها هذا كواحدة ضمن ما يزيد على 900 امرأة في الشرطة الوطنية الأفغانية. وتعمل قريشي حاليا مسؤولة عن قسم حقوق الأطفال والآدميين وحقوق الجنسين في وزارة الداخلية الأفغانية، وحصلت الأسبوع الماضي على الوسام الدولي للمرأة الشجاعة من وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون.

وجلست قريشي مع زميلتها الأفغانية، الحاصلة أيضا على الجائزة، شكرية أصيل يوم الخميس لتناول الغداء وتبادل أطراف الحديث مع أعضاء في مجلس المرأة الأفغاني – الأميركي، ومناقشة وسائل يمكن من خلالها مساعدة النساء والأطفال الذين يناضلون من أجل الحصول على حقوقهم والتمتع بالأمن.

وبغض النظر عما تعتقد أنك تعرفه عن أفغانستان، فإنه من المحتمل أن يكون الواقع أفضل كثيرا، أو أسوأ كثيرا. وعلى الرغم من أنه لا يزال يرتدي البرقع كثير من النساء، فإنهن أقل ظهورا في هذه الأيام في شوارع المدينة، حيث تتولى النساء أدوارا جديدة. ومن خلال مترجمين فوريين، أكدت الاثنتان على فكرة أساسية ذكرت مرارا وتكرارا خلال فعاليات استغرقت عدة أيام لتكريم النساء البطلات في مختلف أنحاء العالم هي «لسنا ضحايا».

نعم، بالطبع، تعرضت الكثيرات للاضطهاد من جانب أنظمة وحشية، في بعض الحالات، أو بسبب عوامل ثقافية، أو رجال طوعوا الدين من أجل تبرير تصرفاتهم التي تعتبر جرائم في مناطق أخرى من العالم. ولكن لا يسعى هؤلاء النسوة إلى الحصول على تعويضات، بل يردن التمكين. ويعد ذلك فارقا مهما أظهرت النساء الشجاعة ضد المكائد التقليدية التي نصفها بأنها نمط الحياة التقليدي.

تقبّل القاضيات أفراد العائلة عند توديعهم في الصباح، ويقمن بتسوية الأمور كافة تحسبا لعدم العودة. ويرسل الآباء بناتهم إلى المدارس على الرغم من الاعتداءات، كما هو الحال في الهجمات باستخدام الأحماض التي استهدفت 15 طالبة ومدرسين في 2008.

سمعت عبارة «لسنا ضحايا» تذكرها قبل يوم مجموعة من النساء، من البحرين وأفغانستان وباكستان وكينيا والبرازيل وهايتي، كن هنا وكرمتهن مؤسسة «فيتال فيوزيز غلوبال بارتنرشب»، وهي مؤسسة غير حكومية تعمل على تمكين الناشطات في المجتمع والقيادات النسوية في مختلف أنحاء العالم. نشأت «فيتال فيوزيز غلوبال بارتنرشب» من المؤتمر العالمي الرابع الخاص بالمرأة التابع للأمم المتحدة عام 1995، وهي تركز على تحسين أوضاع المرأة كهدف للسياسة الخارجية الأميركية. والمعنى أن تمكين المرأة سوف يفضي إلى رخاء أفضل وسلام عالمي. لا يمكن للمرء أن يجلس ويتحدث مع هؤلاء النساء ويهرب من الأفكار التي تأتيه. على أحد الأطراف توجد أفنان الزياني، وهي مسؤولة تنفيذية من البحرين تترأس شبكة نساء الأعمال في شمال أفريقيا والشرق الأوسط. وتوجد على الجانب الآخر ريبيكا لولوسولي، الأم البارزة في قرية أوموجا الكينية، وهو مجتمع نسوي لدعم النساء والفتيات اليتيمات والأرامل اللاتي تركتهن عائلاتهن، أو هربن من العنف الأسري، أو أجبرن على الزواج، أو تشويه الأعضاء التناسلية.

ولكن من جديد، يرفضن أن يكن ضحايا. وتتسم روشانيه ظفر، التي أنشأت أول منظمة تمويل داخل باكستان وتركز على النساء ذوات الدخل المنخفض، بالعناد فيما يتعلق بهذه النقطة. ولا تريد أن ينقذها أحد. «نريد تمكيننا، مثل جميع النساء في كل مكان». ويعني ذلك وظائف وأموال وأمن وحماية حكومية. ولا تحتاج النساء إلى القيام بالأعمال اليدوية، حسب ما تقوله الكولونيل. وبصيغة أخرى، عندما تفكر في امرأة أفغانية لا تفكر في الأنسجة المطرزة، ولكن فكر في شرطية. المنسوجات أشياء محببة، ونريد جميعنا واحدة منها، ولكن تفضل قريشي أن تحمل النساء أسلحة. وهدفها في الوقت الحالي أن ترفع عدد النساء داخل صفوف الشرطة إلى 5000.

وتوجد صعوبة في مهمتها، ويرجع ذلك، في جزء منه، إلى معوقات ثقافية. ويجب إقناع الرجال والنساء بأن عمل الشرطة، والاشتغال بالمهن غير الحرفية، «عمل محترم» بالنسبة للمرأة. وقبل أن تصبح النساء حرفيات، يجب تعليمهن. وتحضر 30 في المائة من الفتيات الأفغانيات إلى المدارس، ويعود ذلك، في جزء منه، إلى المخاطر الموجودة، بالإضافة إلى الفقر. ويحتاج الأطفال إلى العمل، إذا لم يكونوا فعلا مسؤولين عن عائلات، كما هو الحال مع الكثيرين. وتقول شكرية أصيل إنه بمائة دولار يمكن لطفل أن يطعم عائلته لمدة شهر. ولكن، من أين يمكن للمرء أن يحصل على هذا المال في بلد يعاني كي يعد بناء المؤسسات الأساسية من أفراد مثل من يمثلن جزءا من مجلس المرأة الأفغاني الأميركي و«فيتال فيوزيز». وإذا تمكنت من توفير مقدار بسيط، فقد يمكنك إنقاذ فتاة. فلتنقذ فتاة، لتنقذ الكوكب.

* خدمة «واشنطن بوست»