الحياة التي أستحقها

TT

من قراءاتي فيما يتعلق بتراث العرب بالأرقام والإحصائيات، الفقرات التالية:

قال سفيان الثوري: هناك ثمانية أسباب للجفاء: 1- من يدعو لنفسه ولا يدعو للمؤمنين. 2- من يقرأ القرآن ولا يقرأ كل يوم مائة آية. 3- من دخل المسجد وخرج ولم يصل ركعتين. 4- من يمر على المقابر ولم يسلّم. 5- من دخل مدينة يوم الجمعة ثم خرج ولم يصل الجمعة. 6- من نزل ببلدتهم عالم ولم يذهب إليه أحد ليتعلم منه. 7- من ترافقا في سفر ولم يسأل كل منهما الآخر عن اسمه. 8- من دعي إلى ضيافة وأبى.

بالنسبة إليّ، والذي أنا متأكد منه تماما، الفقرة (7)، وقد ضربت بها عرض الحائط، لأنه سبق لي أن ترافقت مع رجل في رحلة طيران، وكان الكرسي بجانب الكرسي، فمد يده يصافحني، ويذكر لي اسمه، ثم سألني بكل أدب عن اسمي، يريد أن يتعرف، فأعطيته اسما زائفا ثم أدرت له كتفي، وتظاهرت بالنوم طوال الرحلة. البياخة في الموضوع أننا عندما وصلنا وذهبنا إلى موظف الجوازات، وما إن فتح حضرته جواز سفري حتى نطق اسمي بصوت مرتفع، فما كان من رفيق رحلتي الذي كان قريبا مني إلا أن يحدجني بنظرة كلها ازدراء.

ومن المذاقات قالوا هناك تسع:

الحلاوة، والحموضة، والملوحة، والمرورة، والحراقة، والعفوصة، والدسامة، والتفاهة، والقبض.

المذاقات الخمسة الأوائل عرفتها، وأتعاطاها كل يوم تقريبا، كما أنها لازمتني طوال حياتي إلى درجة النكد، ولكن الأربعة الأخرى لم أستطع معرفتها، وأتمنى أن ينجدني أي «فطحل أو فطحلة» بترجمتها، وحل ألغازها.

كما أنهم قالوا، وما أكثر ما «لتّوا وعجنوا»، وقالوا إن هناك خمسة أشياء ضائعة، وهي:

1- سلم في مفازة. 2- سراج في شمس. 3- قفل في خربة. 4- وشوشة الأطرش. 5- حسناء مع أعمى.

لا شك أنهم ما كذبوا ولا في واحدة من تلك الخمسة.

كما أكدوا أن «المسكرات» خمسة، وهي:

1- سكر الشراب. 2- وسكر الشباب. 3- وسكر المال. 4- وسكر الهوى. 5- وسكر القوة.

إنني لا أريد غير سكرين: سكر الشباب، وسكر المال، ولا بأس كذلك من سكر الهوى إذا أمكن.

وكذلك قالوا إن «لذات الدنيا» ثمان، وهي:

1- الطعام المريء. 2- الشراب الهنيء. 3- الثوب الناعم. 4- الفراش الوثير. 5- الطبيب المطبب. 6- الدار الواسعة. 7- المرأة الكعوب أو اللعوب.

لا شك أن هذه حياة أستحقها وتستحقني.

وأختم هذه الإحصائيات برجل وصل إلى قمة النفاق الرائع عندما وصف «عضد الدولة» بثلاث صفات، وقال: إن له وجها فيه ألف عين، وله فم فيه ألف لسان، وله صدر فيه ألف قلب.

يا ليتني بقدرة قادر أتحول إلى «عضد الدولة» وفي كل تلك الصفات التي ذكرها ذلك الرجل، لكي أكون فرجة للناس، وضيفا على صالات «السيرك»، وحقل تجارب للعلماء في مختبراتهم!

ومن كان منكم لديه موهبة في الرسم فليرسمني وأنا على تلك الهيئة «الفنتازيا».

[email protected]