وشكرني الإمام الأكبر.. وكانت النمرة غلطا!

TT

لي كتاب اسمه «الكبار يضحكون أيضا» في 700 صفحة. وهي حكايات ونوادر مع الملوك والرؤساء والوزراء والفنانين الذين تضاحكنا معا.. أضحكتهم فأضحكوني.. إلا هذه الحكايات تحرجت أن أذكرها؛ فقد كان الشيخ متولي الشعراوي عالم البلاغة القرآنية من أظرف الناس، وكان ابن نكتة، وكان يسمي الأشياء بأسمائها، وننفجر بالضحك. وقد ألفت عنه نكتة فغضب، واعتذرت، وسامحني، مع أن النكتة عادية.

قلت: إذا طلبت الشيخ الشعراوي في التليفون فسوف تسمع صوتا يقول لك: «هذا بيت العبد الفقير محمد متولي الشعراوي. الرجاء ترك الاسم ورقم التليفون بعد سماع سورة البقرة!». ثم قال نكتة أعجبتني، وقال: «لقد سمعتها من شيخ الأزهر».. كما قال لي قداسة الأنبا شنودة نكتة سمعها من الشيخ طنطاوي شيخ الأزهر رحمه الله. وأنا أعرف شيخ الأزهر؛ إنه لطيف رقيق مجامل هادئ الطبع، ولم أدْعه في مناسبة اجتماعية إلا ووافق فورا، وتكلم وأسعد الناس.

وفي يوم عاتبني وقال لي: «أنت قلت هذه النكتة للرئيس السادات». فقلت له: «أنا عندي مشكلة يا فضيلة الإمام، فأنا أؤلف نكتا كثيرة، والناس ينسبون لي نكتا لم أقلها، فرضيت بقدري، ولم أعد أدافع عن نفسي!».

وفي يوم طلبت صديقي الناشر الكبير إبراهيم المعلم وأرسلت له على التليفون الجوال عشرين نكتة من الطراز الساخن. وانتظرت ساعة.. ساعتين، لعله يطلبني ويشكرني أو يقول إن هذه النكت قد وصلت وإنه سوف يرد بأحسن منها. ولكنه لم يفعل. واتصلت به فوجدته في أميركا، ورجاني أن أعيد إليه النكت ليسعد بها المصريين في نيويورك. وأعدتها..

وفي إحدى المناسبات الوطنية لدولة شقيقة قابلني الإمام الأكبر الشيخ طنطاوي هاشاً باشاً وبصوته الهادئ قال: «والله يا أستاذ أنيس أنت أضحكتني وأسعدتني وكنت في أشد الحاجة إلى مثل هذه الفرفشة.. أشكرك!».

فماذا حدث؟ عندما أرسلت النكت أول مرة إلى صديقي إبراهيم المعلم أخطأت رقم تليفونه فذهبت النكت إلى شيخ الأزهر! واعتذرت. فقال: «والله أنت لم تسعدني وحدي وإنما كان معي كثيرون ضحكوا. وسوف يشكرونك؟!».