سر «أفاتار»

TT

أعلن يوم الاثنين الماضي أن مداخيل فيلم «أفاتار» فاقت مداخيل أي فيلم آخر في تاريخ السينما. وعلى لائحة الأفلام الأعلى دخلا هذا الأسبوع في «النيويورك تايمز» النسخة الجديدة من فيلم «قصة أوز» وهو أيضا فيلم خيالي عن غابة مسحورة.

لماذا؟ هل هو الإخراج؟ هل هي الألوان؟ هل هي «الأبعاد الثلاثية»؟ بكل تواضع، لا أعتقد. إنه الميل اللاشعوري لدى الإنسان نحو العالم الكاذب. الإنسان لا يحب الحقيقة. الخيال هو الذي جعل من «هاري بوتر» أكثر الكتب مبيعا في العقد الماضي. كان جان كوكتو يقول إنه ليس أمتع لدى الإنسان من أن تكذب عليه، وأن الذي نكذبه على الأطفال نسميه خرافات وحكايات. لكن الكبار هم الأكثر عشقا للأساطير.

هل حضرت يوما بهلوانا أو ساحرا يُخرج من قبعته طيور الحمام والأرانب ويحول البالونات إلى مناديل؟ أنت تعرف أن كل ما في الأمر خدعة. لكن يصدف أنها الخدعة التي تبعدك عن واقعك ولو لبضع دقائق. وعندما يشرح لك لاعب الخفة سر الأرانب والحمام ترفض أن تصدقه. إنه يفسد عليك العودة إلى ذلك الطفل الذي فيك. الطفل الذي يتخيل دائما عالما ليس في عالمه. لو كانت «ألف ليلة وليلة» مجموعة قصص «من الواقع» لما عاشت خارج عصرها. لكنها لا تزال تسحر شعوب العالم حتى اليوم، لأن خيال شهرزاد والذي، أو الذين ابتكروا خيال شهرزاد، عرفوا أنه كلما بالغوا في التخيل كانوا أكثر إقناعا. هل لاحظت كم نحزن إذا حاول «ساحر» أن يأتي بخدعة ما، وأخفق، أو افتضح أمره؟ إننا نريد منه أن يخدعنا. نريده أن يتخطى عالمنا وأن يحملنا معه. لقد سارت الشعوب خلف الرجال الذين وعدوها بأراض غير أرضها وحدود غير حدودها. سارت خلفهم إلى الموت والدمار والانتصارات الخادعة. من الإسكندر إلى هتلر مرورا بنابليون. الشعب الفرنسي والشعب الألماني سارا خلف اثنين من المجانين اعتقدا أن في إمكانهما احتلال روسيا. والمجنون الثاني نسخ كارثة المجنون الأول. حمام وأرانب. هذا سر «أفاتار».