استعدادات جزيرة غارسيا لحرب إيران

TT

السؤال الحائر هو: هل من حرب ستشن على إيران، إن فشلت العقوبات الاقتصادية، وقاربت قدراتها على الإنتاج العسكري النووي؟

بثقة يردد الإيرانيون بأن أميركا أصبحت أعجز من أن تشن حربا أخرى، وأنه ليس أمام المجتمع الدولي إلا القبول بحقيقة إيران نووية. والإيرانيون محقون في إشاعة هذا الشعور المطمئن للآخرين لفرض مفهوم الاستسلام لمشروعهم. لكن لا أدري إن كانوا على حق في تصديق هذا التحليل رغم معقوليته. هم يقولون صراحة إن واشنطن متورطة في حربين، في العراق وأفغانستان، وفي معركة دائمة مع «القاعدة» في زوايا مختلفة من العالم، وتعاني من أزمة اقتصادية خطيرة، وعجز حكومي مالي هائل، وفوق هذا كله يعتقدون أن الرئيس الحالي باراك أوباما لا يريد حربا، مهما كانت المخاوف من إيران.

ولأن قرار الحرب يتخذ في غرف موصدة الأبواب، فإن كل ما يصرح به لا قيمة له، بما في ذلك ما يصدر عن قادة سياسيين وعسكريين، والإدارة الأميركية الحالية تهدد بحذر لكن ليس بحزم، معلنة أنها لن تسمح لإيران بالحصول على قدرات عسكرية نووية، من دون أن توضح معنى «لن تسمح»، وها هي عدة أشهر منذ فشل المفاوضات عاجزة عن تعطيل المشروع المحرم.

إنما يمكن قراءة النوايا السياسية من النشاطات العسكرية، حيث يكاد يكون مستحيلا شن حرب كبيرة دون افتضاح التحركات العسكرية التي تجهز للحرب. تكشفها مبكرا عمليات النقل والتجهيز المرتبطة بخدمات مدنية وعقود تجارية يعلن عنها روتينيا، بحسب النظام. والمفاجأة أن إحدى الصحف نشرت تفاصيل نقل عتاد عسكري قالت إنها رصدته على أحد مواقع الإنترنت للبحرية الأميركية؛ مفاده أن الحكومة الأميركية وقعت في يناير (كانون الثاني) الماضي مع إحدى الشركات عقدا بنقل عشر حاويات إلى قاعدة دييغو غارسيا العسكرية، فيها عتاد من ضمنه 387 قنبلة ذات قدرة على اختراق الأعماق والمنشآت تحت الأرضية. المناقصة بنقل الشحنات نشرت على موقع البحرية الأميركية، كما أوضحت صحيفة «صنداي هيرالد» التي عددت تفاصيل البضائع المنقولة وقالت إنها تدل على أنها مخصصة لضرب المنشآت النووية الإيرانية. وعززت الصحيفة رأيها باستشارة أحد خبراء الحرب، الذي أكد الأمر نفسه، موضحا أن الأميركيين أصبحوا جاهزين لتدمير 10 آلاف هدف في غضون ساعات. طبعا لا يعني الخبير بذلك أن الحرب مدتها ساعات، بل ما يخص القدرات العسكرية الجاهزة، وأكثر التقديرات تفاؤلا تتحدث عن حرب من عدة أسابيع وقد تطول.

هل هي مجرد شحنة عسكرية عادية أخرى من كاليفورنيا إلى قاعدة دييغو غارسيا في المحيط الهندي؟ أم أننا على أبواب أكبر حرب منذ 100 عام في المنطقة؟

الاستعداد للحرب يحتاج إلى أمر سياسي، والآمر الناهي هنا هو الرئيس أوباما شخصيا، الذي لن تقع حرب دون أن يأمر بها بنفسه، ويظهر بعدها بقليل على شاشة التلفاز ليوجه خطابا إلى شعبه لتبريرها. ومن خلال رصد درجة الحرارة في واشنطن، لا تبدو هناك بعد رغبة في حرب مع إيران، ربما على أمل تراجع إيراني مفاجئ، أو في انتظار نتائج اتصالات سرية أو مفاوضات علنية. هذا سياسيا.. أما عسكريا فإن هناك آثار استعدادات عسكرية تعطي الإيحاء الكافي بأن الحرب احتمال باق على الطاولة لتخويف نظام أحمدي نجاد أو ربما تهشيمه.

[email protected]