محاولة انتحار مبتكر!

TT

محزن أن لا يجد شاب سعودي حائز جائزة دولية في مجال الابتكار وسيلة للهروب من واقعه المأساوي سوى الانتحار، بعد أن عجز عن تأمين مستلزمات أسرته، واحتياجات ابنته الدراسية، فلجأ في لحظة يأس إلى أقرب عمارة ليقذف بنفسه، ويزهق روحه، ولولا توفيق الله، ثم فرقة الإنقاذ بالدفاع المدني لكان اليومَ في عداد الأموات، وتكمل صحيفة «الوطن» السعودية خبرها بأن الشاب تتحفظ عليه الشرطة حاليا لإحالته إلى هيئة التحقيق والادعاء للتحقيق معه حيال محاولته الفاشلة.

هذا الشاب انضم إلى قائمة العاطلين بعد أن كشف لوسائل الإعلام عن صرف المستشفى - الذي كان يعمل به - أدوية للمرضى منتهية الصلاحية، فقام المستشفى بإنهاء صلاحيته الوظيفية جزاء له وردعا لأمثاله الذين تسول لهم أنفسهم إخراج أسرارها للصحافة، وقد شمل العقاب بطبيعة الحال أسرته!

ولست أدري ماذا يمكن لهيئة التحقيق والادعاء أن تفعل إزاء هذا النوع من القضايا، فمثل هذا الشاب يحتاج إلى مصح نفسي لبحث حالته، وضمان اجتماعي يمده بما يكفي ضرورات حياته وأسرته، كما يحتاج إلى وزارة العمل لمساعدته على الخروج من البطالة، واستعادة ذاته، أما السجن فلن يزيد أوضاعه وأوضاع أسرته إلا تعقيدا وتأزما.

فلا شيء أخطر على الشباب من البطالة، فهي الدافعة إلى كل أسباب الجنون والتهور وإزهاق النفس التي حرم الله، ولو بحثنا لوجدناها - أي البطالة - خلف الكثير من الجرائم والكوارث والانحراف، فاليد الفارغة يمكن أن تتحول إلى معول هدم، وأداة تخريب، ولعبة شيطان، ولا سبيل لإنقاذ هؤلاء، بل إنقاذ المجتمع إلا بفتح المزيد من فرص العمل أمام الشباب، خاصة أن البطالة لم تعد وقفا على غير المتعلمين، بعد أن غدت تضم في صفوفها عددا من أصحاب الشهادات والتخصصات الدقيقة الذين تخرجوا في جامعات الداخل والخارج.

إن كل عام يمر قبل أن نجد حلا للبطالة سيفاقم المشكلة بتزايد أعداد العاطلين، وما ينتج عن ذلك من مخاطر، وأزمات، وحالات انتحار، وانهيارات أسرية، فهل استنفدت وزارة العمل كل الحلول، واستسلمت للصمت؟ فمنذ زمن لم نعد نتلقى جرعات الأمل التي اعتادت أن توزعها هذه الوزارة على العاطلين بين حين وآخر، وغدا الصمت سيد الوقت، وبوابة الهواجس.

[email protected]