المالكي.. أحمدي نجاد العراق؟

TT

يبدو أن ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي، لا يتوانى عن استخدام التهديد، والحيل، للحفاظ على السلطة، فها هو رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يطالب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بإعادة عد وفرز الأصوات يدوياً في كل البلاد «من أجل حماية التجربة الديمقراطية والحفاظ على مصداقية العملية الانتخابية»، بحسب المالكي، الذي استخدم لغة مثيرة للقلق حين قال «بصفتي المسؤول التنفيذي المباشر عن رسم وتنفيذ سياسة البلد، وبصفتي القائد العام للقوات المسلحة» وهو يطالب بإعادة العد والفرز الذي وصفه بأنه ضمانة لعدم «انزلاق الوضع الأمني وعودة العنف» للعراق. وبالطبع فإن تلك لغة تهديدية واضحة من أجل الحفاظ على السلطة.

والأمور لا تنتهي عند ذلك الحد، بل إن المرشح عن قائمة ائتلاف دولة القانون عدنان السراج صرح قائلا للإعلام الإيراني بأن هناك شبهات تحوم حول نتائج الانتخابات، محذراً من حالة غليان تسود الشارع العراقي، بحسب وصفه، إلا أن الطريف في حديث السراج هو قوله بأن هناك شبهات حول الشركة التي جهزت العراق بأجهزة العد والفرز، حيث يقول إنها «مملوكة لمنظمة خلق الإرهابية ويمكن أن تكون مبرمجة بطريقة لا يمكن التعرف على فحواها، ما يستدعي بقوة إعادة الفرز يدوياً»، وهذا أمر مثير للسخرية، والشفقة!

والسؤال الآن، وعطفاً على هذه التصريحات المليئة بالتهديد، والتحريض، هو: هل بات السيد نوري المالكي اليوم أحمدي نجاد العراق؟ فالتلويح باسم القوات المسلحة لا يذكرنا إلا بشيء واحد وهو عندما هب الحرس الثوري الإيراني، وغيره من أجهزة الأمن الإيرانية، لفرض الأمر الواقع بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة في طهران، وقمع المتظاهرين الذين رفضوا ما اعتبروه سرقة واضحة لأصواتهم، وعلى أثرها انقسم المجتمع الإيراني، من وقتها إلى الآن، فهل هذا ما يراد للعراق اليوم؟

إذا كان السيد نوري المالكي حريصاً على حماية التجربة الديمقراطية، والحفاظ على مصداقية العملية الانتخابية، كما يقول، فعليه أولا احترام صناديق الاقتراع، واحترام نتائج الانتخابات، وهذا أمر لا يتم من خلال التهديد، أو التلويح بالقوة، بل بضمان انتقال السلطة السلمي، والعبور بالعراق إلى بر الأمان، خصوصاً أن بغداد تمر بمرحلة حرجة، وما تم إنجازه في العراق يعد أمراً هشاً، فهناك الاحتقان الطائفي من جهة، وهناك التدخلات الخارجية من جهة أخرى، والأمل الوحيد الذي لاح بريقه في العراق هو نتائج الانتخابات الأخيرة، والتي وكما أسلفنا في مقالات سابقة، دلت على وعي وطني، حيث جاءت كمؤشر على  رفض للتيارات الدينية، حيث صوت العراقيون بنسبة تدعو للتفاؤل لقائمة علمانية بزعامة الدكتور إياد علاوي.

قبل الانتخابات العراقية الأخيرة، ومع استعار القمع الذي تم ممارسته ضد البعض من أجل إقصائهم عن العملية الديمقراطية باسم «اجتثاث البعث» كان الخوف هو أن يتم لبننة العراق، إلا أنه يبدو أننا اليوم أمام خطر أكبر وهو أن يتم أخذ العراق برمته إلى التجربة الإيرانية، ولذا نقول احذروا من أن يتحول نوري المالكي إلى أحمدي نجاد جديد في العراق!

[email protected]