أوروبا تمد يد المساعدة

TT

ما لم يحدث تطور مفاجىء، يبدو ان مبعوث الاتحاد الاوروبي، خافيير سولانا، نجح في الحصول على موافقة كل من الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ووزير الخارجية الاسرائيلي شيمعون بيريس، على عقد اجتماع بغرض الجلوس وجها لوجه لمناقشة وقف ناجع لاطلاق النار. بيد ان السؤال الذي يثيره المراقبون هو عما اذا كان ما يحدث على الارض قد تجاوز مرحلة الحديث عن وقف آخر لاطلاق النار. فعلى الجانب الفلسطيني لا يزال الرأي العام مشحونا بالتحدي ومصمما على المواجهة، وبعد ايام ستحل الذكرى الاولى للانتفاضة الراهنة ويتوقع كثيرون ان تشهد المواجهات تصعيدا قويا في هذه المناسبة . اما على الجانب الاسرائيلي فان تأثير معسكر القوى المؤيدة للسلام تراجع كثيرا، اذ كشفت انتخابات قيادة حزب العمل الاخيرة عن ان اليسار الاسرائيلي الآن لا يقل في تشدده ازاء السلام عن معسكر اليمين الذي يقوده ليكود آرييل شارون.

وفي السياق نفسه، فان الضغوطات التي يتعرض لها الجانب الاسرائيلي تدفعه نحو اتخاذ موقف اكثر تشددا ازاء تقديم تنازلات للفلسطينيين. فرئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق بنيامين نتنياهو، مثلا، يحاول تشكيل تحالف جديد ضد عقد اي صفقة للسلام مهما تكن. ومع ان ذلك ربما كان ضمن استراتيجية نتنياهو الشخصية للعودة الى المسرح السياسي، الا انه ما من شك في تنامي التيار الرافض للتسويات في اسرائيل، كما هو الحال في الجانب الفلسطيني. ولا بد ان سولانا لمس هذه الاجواء عند تعرضه للمضايقة والاذى على يد مسلحين اسرائيليين في القدس المحتلة قبل ايام.

ان هذا يعني انه لن يكون بوسع الفلسطينيين او الاسرائيليين التوصل الى ارضية مشتركة تمهيدا لتجاوز مرارة المواجهات بينهما وتوفير الاجواء الملائمة للتوصل الى اتفاق وقف للنار ناهيك من تحقيق اتفاق السلام.

وعليه فان الخطوة المثمرة التي يمكن للمجتمع الدولي اتخاذها في هذا الوقت على الاقل، تتمثل في طرح اطار للفصل بين الطرفين المتحاربين لتهدئة الاوضاع وتمكينهما من النظر في خياراتهما البعيدة المدى. وشاعت في الايام الاخيرة اقوال عن ارسال قوات تابعة لحلف شمال الاطلسي (الناتو) للفصل بين الجانبين ومراقبة تطبيق وقف لاطلاق النار بينهما. غير ان خطة كهذه تأتي في عداد الاحلام والتمنيات لا الطروحات السياسية الرصينة. مع ذلك، ليس من سبب يحول دون ان يلعب المجتمع الدولي دورا في الفصل بين الجانبين لمدة محددة من الوقت حتى يستعدا لاستئناف مفاوضات السلام من جديد.