وزير عدل الفشل

TT

إريك هولدر وزير العدل الأميركي شخصية مثيرة للجدل لليسار، نظرا لاحتفاظه بكثير من البنيان القانوني لإدارة بوش في شن الحرب على الإرهاب. كما أنه مثير للجدل لدى اليمين، لأنه تجاهل أجزاء من ذلك البناء بصورة بدت قاصرة ومتهورة. لكن هولدر أكثر وزراء إدارة أوباما عرضة للخطر لعدد من الأسباب، فكل ما يتبناه من قضايا تأتي بمردود عكسي.

قائمة أخطاء هولدر مثيرة للدهشة بالفعل، أولها كان القرار بالإفراج عن وثائق التحقيق مع معتقلي غوانتانامو في عهد إدارة بوش، وإعادة فتح التحقيق مع محققي وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بعد أن أفرج عنهم المدعون العامون. اعتقد هولدر أن هذه الأفعال ستثير غضب الرأي العام، لكنها أثارت، عوضا عن ذلك، نقاشات واسعة حول الأمن القومي، دفع سبعة من رؤساء وكالة الاستخبارات السابقين - عملوا في إدارات نيكسون وريغان وبوش الأب وكلينتون وبوش الابن - يحذرونه بأن ما يقوم به يمكن أن يساعد القاعدة في التملص من الاستخبارات الأميركية والتخطيط لعمليات مستقبلية، وهو ما تسبب في حدوث صدع خطير بين وزارة العدل ومجتمع الاستخبارات.

تمثل الخطأ الثاني في رفض هولدر التبريرات القانونية التي ساقها جون يو وجاي بيبي، محاميا إدارة بوش، بشأن وسائل الاستجواب المحسنة. فأدان مساعدوه المحاميين بسوء السلوك المهني، لكن المدعي العام بوزارة العدل أخلى سبيلهما ما أثار حرج هولدر.

أما خطأه الثالث فتمثل في التعامل مع قضية الانتحاري الذي أخفى المتفجرات في ملابسه الداخلية. ولحسن الحظ فقد أبدى عمر فاروق عبد المطلب تعاونا. لكن قرار هولدر بمنحه الحق في الصمت عملا متسرعا ولم يتم التشاور فيه مع مسؤولي الاستخبارات، حيث تعامل هولدر مع مسألة الأمن القومي كقضايا قانونية محضة. وقد قال دينيس بلير مدير الاستخبارات أمام الكونغرس في وقت لاحق: «إن تلك الوحدة (مجموعة التحقيق مع السجناء ذوي القيمة العالية) تم إنشاؤها خصيصا لهذا الغرض لتحديد ما إذا كان الشخص المعتقل يمكن اعتباره حالة يمكن تقديمها للمحاكمة الفيدرالية أو لبعض الوسائل الأخرى. لم نشرك الوحدة في هذه التحقيقات، لكن كان من الواجب علينا القيام بذلك». ويبدو أن بلير فاته أن الوحدة لم تنشأ بعد.

رابع هذه الأخطاء هو الفشل في إغلاق معتقل غوانتانامو ومحاكمة خالد شيخ محمد والمتهمين الآخرين في أحداث 11 سبتمبر (أيلول) أمام محاكم مدنية. فليست هناك خطة جادة لإغلاق غوانتانامو، كما لم يتمكن هولدر من صياغة مبررات نقل بعض قضايا الإرهاب إلى محاكم مدنية، فيما تحاكم أخرى أمام محاكم عسكرية. وأن أسس محاكمة القرن التي وضعها شابها القصور من جميع الأوجه. ونظرا لفقد البيت الأبيض الثقة في قدرة هولدر على التعامل مع قضايا الإرهاب تولى المسؤولية الكاملة عن العملية. ولذا لا يتوقع أن تتم محاكمة أي من المدانين في اعتداءات 11 سبتمبر على أي من الأراضي الأميركية. بيد أن التراجع عن هذا الالتزام ستكون له كلفته. أضف إلى ذلك سلسلة الأخطاء العامة عندما صرح بأن أميركا «أمة من الجبناء، وأن إمكانية القبض على أسامة بن لادن غير قائمة».

في بعض الأحيان قد يثير العجز التعاطف، لكن هولدر يمزج الفشل بالتظاهر بالتمسك بالأخلاق. ويقول عن منتقدي هذه الخيارات المثيرة للتساؤل إنهم «يفتقدون الثقة في النظام القضائي الأميركي».

لكن ربما يكون هناك احتمالية أخرى وهي أن منتقدي هولدر - في الكونغرس والبلاد والبيت الأبيض - يفتقدون الثقة في حكم هولدر على الأمر.

* خدمة «واشنطن بوست»