«إسلام أون لاين».. أي اعتدال!

TT

لا يزال مصير موقع «إسلام أون لاين» غير واضح. إذ لم تبدد التطمينات التي أطلقها الراعي الإداري والروحي للموقع الشيخ يوسف القرضاوي الالتباسات التي رافقت الأزمة الأخيرة. فالعاملون المحتجون في مكتب الموقع في مصر على قرارات إدارية تحريرية، قالوا إنها مجحفة، مستمرون في تحركهم. وتحرك الموظفين هذا موجه ضد جمعية «البلاغ» الداعمة للموقع ماليا والتي تتخذ من قطر مقرا لها.

هنا تكثر التحليلات بشأن خلفيات وأسباب الأزمة المتعلقة بأشهر موقع إلكتروني إسلامي ما بين ناسب الأمر إلى صراع قطري مصري على إدارة الموقع، إلى كلام كثير عن انزعاج من خطاب إسلامي «وسطي» لصالح تقديم صورة أكثر تشددا والتزاما، إلى خلافات في أوساط الإخوان المسلمين، وصولا إلى دور أميركي ما في هذه القضية.

وأيا كانت الخلفيات الكامنة، فهي في نهاية الأمر أزمة تطرح سؤالا بات لصيقا بكل ما يتعلق بالإسلام في عالم ما بعد الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). أي إعلام لأي إسلام بعد أكثر من عقد من الأزمات أسهب فيه سياسيون وفلاسفة وناشطون تنقيبا وتحليلا لكل ما له علاقة بالإسلام حتى بات الأمر أقرب إلى الرهاب منه إلى البحث والمعرفة؟.

لا شك أننا نعيش في عالم بات مهجوسا بالأديان وبتداخلها في السياسة، وربما كان الإسلام وبعد شيوع ظواهر جهادية مسلحة، يتصدر هذا الجدل دون أن ينحصر به. لقد باتت الأديان هوسا معولما، بحيث نقلت كل المجموعات الدينية والطوائف هواجسها إلى الإنترنت. فالإنترنت الذي يعدّ بحق أهم منتج للحداثة أتاح للأديان أن تنبعث من جديد، فلم تعد طقوسا وحكايات معزولة عن محيطها. في المقابل، وكما عزز الإنترنت فرص تلاق وحوار بين مجموعات وعوالم خلنا أنها لا تلتقي، فقد ساهم أيضا في عزلة جماعات وتيارات باتت لا تهتم ولا تتصفح سوى المواقع الإلكترونية التي تعكس عوالمها الخاصة. هنا يأتي الحديث عن موقع «إسلام أون لاين» كونه يقدم نفسه معرفا بالإسلام وقضاياه حول العالم. فهل الجدل حول موقع «إسلام أون لاين» هو جدل إسلامي داخلي؟

من يمكن أن يحدد هوية «إسلام أون لاين»! بل من يمكنه تحديد أي إسلام قدمه هذا الموقع لمتصفحيه.

هذا الأمر مختلف حوله قدر ما هو مختلَف حول إمكان مقارعة التطرف بالاعتدال.. ثم إن الموقع من جهة قدم القضايا في سياق اعتدالي، ولكنه في أحيان أخرى قدمها بمضامين لا تخلو من غلو.

من يحدد معايير الاعتدال والغلو هنا؟.

من الواضح أنه تعوزنا مادة للقياس تفتقدها أدواتنا المعرفية المتوافرة. الثابت أن «إسلام أون لاين» يتعرض لانتكاسة ما، لكن النقاش المتعلق بهذه الانتكاسة غير شفاف ويدور في أروقة محجوبة عن أنظارنا. ربما احتجنا إلى شفافية لكي نعرف ما يجري في كواليس الجدل حول «إسلام أون لاين» بل نحن نحتاجها من دون شك لكي نقول إن «إسلام أون لاين» موقع معتدل.

diana@ asharqalawsat.com