المالكي بعثيا!

TT

نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي حتى كتابة هذه السطور يبدو أنه في طريقه لخسارة الانتخابات، وبالتالي خسارته للمنصب الذي يتبوأه وهي نتاج واحتمال طبيعي في مسيرة الديمقراطية التي يتغنى بها نوري المالكي. فالديمقراطية هي خيار الناس، وبالتالي فيها فوز وفيها احتمال الخسارة وارد أيضا! وبعد أن قاربت اللجنة المكلفة بمراقبة الانتخابات وفرز الأصوات وإعلان النتائج وبحسب النتائج الأولية وكما يبدو حتى الآن وبعد اكتمال عد 95% من الأصوات، يظهر أن أياد علاوي وقائمته هو الأقرب للفوز، وعلاوي يمثل اتجاها قوميا وعلمانيا بعيدا عن الطائفية وبعيدا عن قبول التدخل الخارجي في أجندته وفي إدارة شؤون العراق، وهي التهم التي توجه إلى نوري المالكي وأسلوبه في الحكم الذي أدى إلى شروخات بين العراقيين أنفسهم ناهيك عن تشنج الأوضاع مع دول الجوار.

وكل الذي استطاع نوري المالكي القيام به في مواجهة أياد علاوي وقائمته هو اتهامهم بالبعثية وانتمائهم إلى أفكار حزب البعث القديمة، وبالتالي إخراج فزّاعة الحكم البائد وتخوين الناس به. طروحات أياد علاوي مختلفة عن طروحات نوري المالكي، نعم هذا صحيح، ولكنْ فارق كبير بين الطروحات التي يسوقها علاوي وأسلوب وفكر ونهج حزب البعث العقيم! عدم قبول نوري المالكي بمبدأ الخسارة وقبوله «فقط» بالربح واعتبار الديمقراطية وسيلة لتكريس بقائه في الحكم ومديحه للجنة المكلفة بمراقبة الانتخابات (عندما كانت أصواته الأعلى في المراحل الأولى)، ثم ذمّه لها والتشكيك في أسلوب إدارتها ومطالبته بإعادة الفرز والعد على مستوى العراق وتهديده بالعنف في حالة عدم حدوث ذلك (بعد أن تراجع عدد أصواته لصالح أياد علاوي) هي تحديدا الفكر البعثي المتسلط الرافض للآخر والذي عانى منه العرب والعراقيون بشكل أساسي لعقود طويلة. الانتخابات العراقية كانت بالعموم تجربة ديمقراطية ناجحة تُحسب للحكم في العراق ولنوري المالكي نفسه، وهو لو أحسن استغلال هذه المناسبة بشكل حكيم وعقلاني وبعيدا عن الأنا والنرجسية لدخل التاريخ من باب واسع وسجل اسمه في سجلات الشرف بدلا من تعنته بشكل طفولي وأناني مهددا بلاده ومواطنيه ومثيرا الذعر والقلق في صفوفهم والبلاد أحوج ما تكون إلى بث عناصر الطمأنينة والأمان فيها أكثر من أي وقت مضى! ولكن حكمة التوقيت وعقلانية القرار فضل من الله يؤتيه من يشاء. الأيام القادمة ستشهد «صناعة» الحكومة القادمة لإيجاد التكتل الفائز، وبين الأبطال وصناع الأبطال فارق، وهو العملية التي سنشهد فيها ظهور أسماء «الصدر» و«الحكيم» وآخرين للدخول في تكتلات استراتيجية لصناعة الحكومة القادمة مع عدم إغفال الأصابع الإيرانية والأدوار الكردية في تكوين الحكومة القادمة. الدراما العراقية في الانتخابات الأخيرة لم تنتهِ بعد، فالفصول القادمة لن تقل إثارة!

[email protected]