«أولاد» إيران!

TT

لا يمكن أن يكون مصادفة إعلان حماس، قبل أول من أمس، عن اشتباكها مع الإسرائيليين من أجل «ردع الغطرسة الصهيونية والتصدي لقوات الاحتلال.. وردا على جرائم الاحتلال المتواصلة» بحسب بيان القسام، في نفس الوقت الذي دعت فيه إيران القمة العربية، في ليبيا، لاتخاذ قرارات قوية «تدق جرس الإنذار» لحماية القدس. نقول لا يمكن أن تكون مصادفة لأن حماس تجنبت الرد على إسرائيل طوال 14 شهرا، فلماذا الآن؟ وما يثير الارتياب هو أنه كان هناك جدال في حماس، وبعض الفصائل الفلسطينية، بعد تصريحات محمود الزهار التي طالب فيها بتجنب إطلاق الصواريخ على إسرائيل من أجل عدم إعطاء الذرائع لنتنياهو ليخرج من مأزق التوتر الذي يشوب علاقته بالرئيس الأميركي أوباما.

والحقيقة أنه لا غرابة في مواقف حماس، و«أولاد» إيران بمنطقتنا، طالما أنهم لا يجدون محاسبة عربية حقيقية لهم، على الأقل أمام الرأي العام العربي، ليتحملوا نتائج أفعالهم. فبعض العرب يستفيد من عملاء إيران لتحقيق مصالح ضيقة، والبعض الآخر يخشى الاصطدام بالرأي العام، خصوصا إذا كان محتقنا، متناسين أن الدموع هي أسرع ما يجف، كما يقال، وبالتالي تبقى الحقائق على الأرض ماثلة أمامنا، ونعاني منها مطولا.

فما لا ينتبه له العرب اليوم هو أن حجم التوتر الإسرائيلي ليس من خلافات نتنياهو وأوباما فقط، بل أيضا من تصريحات الجنرال بترايوس، قائد القيادة الأميركية الوسطى، الذي قال في شهادته الأخيرة أمام الكونغرس إن الصراع العربي الإسرائيلي «يذكي شعورا معاديا لأميركا نظرا لتفهم المحسوبية الأميركية تجاه إسرائيل». وهو ما كرره وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، حيث قال «لا شك أن انعدام السلام في الشرق الأوسط يؤثر على مصالح أميركا الوطنية الأمنية»، وهو ما اتفق معهما فيه رئيس أركان القوات المشتركة، الأميرال مايك مولن، حيث قال «هذه قضية خطرة جدا، لكننا نريد أن نرى تقدما فيها». ومن يتابع الصحافة الإسرائيلية سيلمس حجم القلق، كما سيلاحظ حدة الهجوم على الجنرال بترايوس.

يقول لي مصدر أميركي إن ذلك الأمر يقلق الإسرائيليين كثيرا، خصوصا عندما تأتي مثل هذه التصريحات من قبل قيادات عسكرية، ودون أن يحاول أحد من الإدارة الأميركية تخفيف هذه اللغة، أو التراجع عنها، مضيفا أن لذلك أبعادا تاريخية، حيث لجأت إدارة الرئيس الراحل رونالد ريغان (الجمهوري) لاستخدام نفس عبارات العسكر في الثمانينات عندما اعتبرت أن الاعتراض الإسرائيلي على بيع طائرات الـ«أواكس» للسعودية يعرض مصالح أميركا الأمنية للخطر بالشرق الأوسط. ويقول مصدري يومها كان هناك تعبير يستخدمه فريق ريغان يقول «ريغان أو بيغن» بالإشارة لحجم التحدي الذي خاضه ريغان ضد اللوبي الإسرائيلي بواشنطن من أجل تمرير صفقة الـ«أواكس» في الكونغرس، وهو ما نجح فيه ريغان في النهاية.

وبالتالي فمن المهم أن يتنبه العرب إلى تعقيد الخلافات الحالية بين الحكومة الإسرائيلية وإدارة أوباما، والتي قد تقود إلى إسقاط التحالف اليميني لنتنياهو، وعليه فيجب ألا يعطي العرب الفرصة لإيران، وأولادها بمنطقتنا، لتعريض مصالحنا للخطر خدمة للأهداف الإيرانية الطامعة بنا.

[email protected]