المحاماة للمرأة

TT

أعلنت وزارة العدل عن إمكانية إعطاء المرأة رخصة محاماة «مقيدة» بالترافع عن المرأة فقط، على أن تعمل وفق «ضوابط» المحاكم الشرعية لدخول النساء في أروقتها.

وقال مدير الإدارة العامة للمحاماة ضمن تصريحه لصحيفة «المدينة» الأربعاء 23 ذي القعدة 1430هـ: إنه تم الانتهاء من دراسة، ينتظر الموافقة عليها قريبا، تحدد المحاور الرئيسية حول إمكانية حصول النساء على تصاريح بفتح مكاتب استشارات شرعية وقانونية لتسد فراغ حاجة المرأة لامرأة متخصصة تفضي إليها بمشاكلها الحقوقية بكل حشمة.

وجاء تحرك الوزارة بعد أن رصدت ترك العديد من النساء حقوقهن لأسباب تحفّظهن على مراجعة مكاتب المحاماة التي يعمل بها الرجال وعدم قدرتهن على الترافع بأنفسهن أمام القضاء.

ومن المنتظر «تقييد» عمل المرأة المحامية بقضايا «الأحوال الشخصية» التي تمثل قدرا من الخصوصية بين المرأة والمرأة ويصعب أن تفضي الموكلة بتفاصيل وقائعها إلى المحامي الرجل، والقضاء أيضا على وكالات الخصومة العشوائية الصادرة من المرأة للمرأة بالترافع عنها. ولا يوجد في أصل مهنة المحاماة تراخيص خاصة بالرجال أو بالنساء، وأن الأصل في الترخيص لمزاولة المهنة هو الصفة القانونية لأي من الجنسين، والدراسة حرصت على طرح خيار تقييد ذلك بقضايا الأحوال الشخصية لكون طبيعة هذه القضايا غير علنية، مما يمكن معه المحافظة على خصوصية المرأة فتتحقق بهذا المصلحة الشرعية المطلوبة دون وجود مفاسد.

فالأصل في مهنة المحاماة للمرأة الجواز، لأن المحامي وكيل عن موكله، ولا مانع شرعا أن تكون المرأة وكيلا عن غيرها ما لم يكن هناك مانع شرعي خارجي كالخلوة بالأجنبي، وحيث ورد في تصريح الوزارة ما يحقق مناط ضمان استيفاء الشروط وانتفاء الموانع وقصر الوكالة على المرأة وفي محاكم الأحوال الشخصية وبالحشمة والضوابط المذكورة، فإنه سيكون محققا للمصالح الخاصة والعامة وطاردا للمفاسد الخاصة والعامة، وهناك مرجعية رسمية تضبط هذه المهنة والعاملين فيها بما يحقق الإيجابيات المطلوبة ويتلافى السلبيات المتوقعة وحتى المتوهمة، فللمرأة أن تكون وكيلة في الخصومة تماما كالرجل، ولا يضيرها ذلك، وتترافع لدى القاضي وتجيب عن الدعوى دون أن تخلّ بطبيعتها، وليس هناك ما يمنع من ذلك شرعا أو نظاما إذا التزمت بآداب الشرع في لباسها وحجابها ومنطقها، وفي هذا ضمان لحقوق المرأة القضائية وتمييز لها، ولا تشترط الذكورة في الوكالة بعامة، فكل من صحّ تصرّفه في شيء من ذكر أو أنثى جاز أن يتوكل عن غيره فيما تدخله النيابة، إلا أن يحصل من المرأة فتنة بجمال أو منطق رخيم أو نحوه فتمنع من مباشرة الخصومة أصيلة أو وكيلة، ولدى الجهة المختصة ما يضمن عدم حصول ذلك من المحامية، في حين أنه لا توجد مرجعية لغير المحاميات تضمن تقيدهن بالحشمة، وسيظهر في المستقبل – بإذن الله - المصالح التي نعنيها وأننا كنا سببا في السابق لاستمرار وقوع المظالم على المرأة بتركها لحقوقها أو اضطرارها لمخالطة الرجال من المحامين وربما الخلوة بهم، ومن لوازم تحقيق مناط فخرنا بديننا وكون شريعتنا صالحة لكل زمان ومكان وأنها حمت المرأة وأعزّتها أن نمكنها من هذه المهنة التي بهذه الضوابط ستجلب المصالح العظيمة وتدرأ المفاسد الكبيرة الواقعة بسبب عدم الموافقة على المحاماة للمرأة، والله من وراء القصد.

* القاضي بالمحكمة الجزائية بالرياض