دعوهم يستعربوا

TT

كان رونالد ريغان رجلا محافظا في أقصى اليمين وعلى بلادة مشهودة. لكن هذا الرجل الذي أيد الحرب الساخنة والباردة على السواء، وقف يقول عام 1984: «تخيلوا، للحظة واحدة، رجلا روسيا وزوجته يلتقيان في عاصفة ماطرة تحت سقف واحد مع رجل أميركي وزوجته في انتظار توقف المطر. ماذا سيكون موضوع الحديث بينهم؟ خلاف الحكومات، أم أطفالهم؟ وقد يلتقون ذلك اليوم على العشاء أيضا. إن الشعوب لا تصنع الحروب».

ما كنا نعرف من سيحضر القمة في ليبيا ومن سوف يغيب. لكن علاقة طرابلس (أو سرت) مرت بمرحلة سيئة أو رديئة مع كل بلد عربي عبر السنين، من جاراتها الكبرى المغرب وتونس ومصر إلى عمان وبيروت ورام الله. فماذا كانت الخسائر خلال تلك الأزمات؟ باستثناء الخسائر في الأرواح خلال حرب لبنان وما تكبدت ليبيا من أموال، لا شيء. لا أرباح مع الدول ولا خسائر.

يستطيع الحكام، أن يتنازعوا ما شاؤوا وأن يختلفوا وأن يتخاصموا. لكننا نأمل أن يتركوا الأبواب مفتوحة أمام الشعوب. الخسارة الكبرى نحن الذين ندفعها لأننا لا نعرف شيئا عن الشعب الليبي ولأننا لا نرى الجزائريين إلا في الخرطوم خلف كرة قدم ولا نسمع عن العراقيين إلا مفجرين في شوارع بغداد.

مرة نرى ليبيا ذاهبة إلى الثورة والوحدة في العالم العربي، وحدة مع السودان ووحدة مع سورية ووحدة مع تونس ووحدة مع المغرب وثورة حتى النصر، ومرة نراها ذاهبة إلى عرش مملكة المماليك في أفريقيا. ولا مانع. لكننا في غضون ذلك نريد أن نعرف شيئا عن بلد كان ذا مراحل من مهاد التاريخ. نريد أن نعرف ماذا يستطيع الفلاح اللبناني أن يصدر إلى المزارع الليبي. نريد أن نعرف إن كان في ليبيا كتّاب آخرون في حجم الصادق النيهوم وإبراهيم الكوني، وإذا لم يكن فلماذا؟ دعوا الشعوب لنفسها ولمشاعرها ولحنينها إلى تلك الأيام التي كان فيها الجزائري أقرب إلى السوري قبل بدء الحديث عن الوحدات. وإلى الأيام التي كان فيها كل عربي تحمله مخيلته وأمنيته إلى كل بلد عربي. تنازعوا ما شئتم فوق القمة واتركوا الناس تتلاق على الأرض. في البساتين والحدائق والجامعات والمدن. دعوا العرب يستعربوا.