احذروا الكذب فإنني جربته

TT

غدا هو أول أيام شهر أبريل، وإنني أنبهكم من الآن أن تأخذوا حذركم لكي لا تقعوا في بعض المواقف التي لا تحمد عقباها كحالاتي.

أما الكذبة التي ابتدعتها وشاركت فيها من بعيد كانت في بيروت بمنتصف السبعينات الميلادية، فقد أقام رجل خليجي أعرفه، حفلة صاخبة في شقته الباذخة في (الرملة البيضاء)، ولم يدعني لها، وأصلا لو دعاني لما استجبت لدعوته، ولما قلت: (تف عليك حامضة)، لأنني بطبعي لا أستسيغ هكذا سهرات، وخطرت على بالي في حينها فكرة صبيانية جهنمية، أردت أن أفسد بها تلك السهرة، فاقترحت على صديق والده خليجي ووالدته لبنانية، وهو أبيض وطويل وعريض ويتكلم اللهجة اللبنانية وكأنه من زحلة، اقترحت عليه أن يلبس بدلة ضابط من رجال في المحافظة على الأخلاق، ونذهب إلى هناك لإزعاجهم أولا، ثم نضحك في وجوههم قائلين ببراءة: إنها كذبة أبريل.

ووافقني العبيط على ذلك وفعلا ذهبنا، وما إن ضرب الضابط المزعوم الجرس حتى فتح الخادم الباب، فنهره قائلا: انده لي عمك، وما هي إلا دقيقة حتى حضر العم، فقال له بنبرة متعالية: أعطني (بسبورك) ولاك، ويبدو أن صاحب البيت دمه حامي أكثر من اللازم، فرد عليه والشرر يتطاير من عينيه قائلا: تريد جواز سفري هاه؟!، إذن خذ، وإذا به يوجه له لكمة خطافية هائلة على صدغه جعلته يترنّح، ثم ثانية وثالثة بطحته أرضا وارتطم رأسه بالبلاط وطارت البرنيطة وانهمرت الدماء من وجهه، فما كان مني إلا أن أخرج من مخبئي وأصيح به من بعيد قائلا: لا، توقف، إنها كذبة أبريل، وما إن سمعني أقول ذلك حتى أخذ (يرعد ويزبد) وهو يردد: وكمان كذبة؟!، وتحوّل والعياذ بالله إلى وحش كاسر، وهجم عليّ يريد أن يمسك بتلابيبي، ولكنني تلافيته عندما قفزت للخلف برشاقة بالغة وكأنني لاعب سيرك، ومن حسن الحظ أن الحضور من كلا الجنسين تدافعوا وأمسكوا بذلك الوحش دون أن ينال مني شعرة واحدة.

وسمعت إحداهن تقول وهي تشير لي: يا حرام سيبو، وهو مثل العصفور المنتوف، فقلت بيني وبين نفسي: آه لو خبرتني، لكنت تعرفت من هو المنتوف!!

لا أريد أن أطيل عليكم، فقد نقلنا الضابط المزيّف نصف الخليجي ونصف اللبناني إلى المستشفى وضمدوا جراحه، وظل طوال أسابيع يلبس نظارة شمسية بالنهار والليل، ليخفي الهالة الزرقاء حول عينه المتورمة.

وكل من سأله عن السبب يقول له: إنه مجرد (اكسيدان) بسيط.

[email protected]