الاستعانة بالصين وروسيا ضد إيران

TT

في منتصف هذا الشهر تلتقي الدول الكبرى في واشنطن، للبحث في موضوع مختلف هذه المرة، الأمن النووي. وستكون إيران هي محور النقاش، ولولا خشية التصعيد لسمي المؤتمر «مواجهة المشروع النووي الإيراني».

أهم الدول المشاركة روسيا والصين، البلدان اللذان يماطلان منذ خمسة أعوام ويعطلان جهود منع النظام الإيراني من إنجاز مشروعه النووي، ومعظم أسباب الانقسام بين الدول الكبرى لا ترتبط بإيران نفسها، بل بتوازن القوى العالمية ومصالحها. في السابق كان الأوروبيون يتباطأون في معاقبة إيران آملين في أن يتوصلوا إلى حل مقبول تحصل بموجبه طهران على الطاقة النووية التي تقول إنها تحتاجها ويتم نزع الشق العسكري من المشروع. لكن السنة الماضية، ومنذ تولي باراك أوباما الرئاسة الأميركية صارت إيران مكشوفة أكثر. وافق الأميركيون على كل اقتراحات شركائهم الأوروبيين وقدموا تنازلات كثيرة؛ منها التعامل المباشر مع حكومة نجاد، والامتناع عن التهديد العسكري، وزيادة سلة الإغراءات الاقتصادية، وطرح أفكار جديدة حول التخصيب الخارجي. والأهم من ذلك، التعهد لإيران بإنهاء الحصار الأميركي القديم وبداية علاقة جديدة تقوم على الاحترام.

كل ما عرضه أوباما رفضه الرئيس الإيراني أحمدي نجاد. بل رفعت حكومة نجاد من سخريتها من أوباما، وزادت في لغة تحديها، وبسببها انقلب الأوروبيون، وهم اليوم من يقود حملة تطالب بمعاقبة إيران.

بعد فشلها مع ألمانيا وفرنسا، انتقلت الدبلوماسية الإيرانية إلى روسيا والصين، لتضمن أحد الصوتين في مجلس الأمن لمنع العقوبات المتوقعة ضدها. وبذلت طهران الكثير، ماليا وسياسيا، لإغراء الروس، لكن موسكو استخدمت الورقة الإيرانية لتحقيق مكاسب استراتيجية مع الجانب الغربي، وانقلبت على الإيرانيين. آخر أمل للإيرانيين هو في بكين، التي كثفوا من زياراتهم لها خلال الأسابيع القليلة الماضية. ومن المتوقع أن يفعل الصينيون ما فعله الروس من قبل، استخدام الورقة الإيرانية للحصول على تنازلات غربية وعربية لقاء الامتناع عن استخدام الفيتو.

ولأن إيران هي المصدر النفطي الأكبر إلى الصين، فقد كان أول التزام قدم لها هو ضمان تزويدها بالنفط البديل في حال قطعت طهران بترولها أو سدت مضيق هرمز. وبالفعل تم بناء مخزون نفطي على متن عدد من ناقلات النفط التي أوقفت قريبة من المياه الصينية لطمأنة القيادة هناك بأن النفط مضمون. والحقيقة لا توجد مقارنة بين الكفتين، فما تعرضه إيران لشراء الصوت الصيني يبقى محدودا مقابل ما قد تعرضه الكفة الغربية، ومعها عدد من الدول العربية النفطية، من وعود نفطية ومشاريع اقتصادية ومواقف سياسية.

في تصوري ستؤمن قمة واشنطن الحد الأدنى المطلوب للي ذراع نظام نجاد وتهديده اقتصاديا وسياسيا، وربما أكثر من ذلك. ومع ذلك فلن يكفي لتغيير موقف طهران، حيث إن النظام قادر على تحمل الضغط مهما كانت معاناة الشعب، كما رأينا في حالة نظام صدام. وهنا سيتسابق الجانبان على إثارة القلاقل، الغرب ضد نظام نجاد ومحاولة إضعافه وربما إسقاطه من الداخل، ومن جهة الإيرانيين سيرفعون وتيرة تدخلاتهم في المنطقة، وسيثيرون المزيد من القلاقل في الأراضي الفلسطينية ولبنان والعراق والخليج. وبالتالي نحن على أعتاب تاريخ جديد، ربما بداية من منتصف هذا العام والذي يليه، عنوانه «من يصرخ من الألم أولا؟».

[email protected]