1 أبريل.. يوم الصدق العالمي!

TT

أعتقد أن الأول من أبريل «نيسان» هو يوم الصدق العالمي الذي يعترف فيه كثير من الناس بشجاعة بأنهم كذابون، فهم يكذبون طوال العام دون توقف، ودون إقرار بالكذب، وعلى مدى عام كامل تثقل الخطايا نفوسهم ويشعرون بالحاجة النفسية إلى الاعتراف العلني للتكفير اللاشعوري عن ذنوب كذبهم، فيعيشون يوما صريحا يمارسون فيه الكذب المعلن على رؤوس الأشهاد.

ولو أن الناس يصدقون طوال العام ويكذبون يوما واحدا لهانت الأمور، لكن الواقع يشير إلى أن مسلسل الكذب مستمر دون انقطاع طوال أيام السنة، لا فرق بين «أبريل» أو «مارس» أو «أغسطس»، فكله عند الكذابين «أبريل».

وينشغل الإعلام في الأول من أبريل من كل عام ببحث جذور كذبة أبريل (أو كذبة نيسان)، وأخطر الاجتهادات تقول إن أصل التسمية «خدعة أبريل»، وليس «كذبة أبريل»، وتوافق يوم سقوط غرناطة آخر معاقل حكم المسلمين في إسبانيا، وكيف أن المسلمين خدعوا ببعض وسائل الترف والمجون التي كانت تقدم إليهم من خصومهم، فانهارت قواهم، وسقط حكمهم، ومنهم من يرجع «كذبة أبريل» إلى فترة تغيير التقويم وجعل السنة الجديدة تبدأ في الأول من يناير (كانون الثاني) بدلا من الأول من أبريل، حيث ظل بعض السذج رغم تغيير التقويم يحتفلون وحدهم بالعام الجديد وفق التقويم العتيق، فيتلقون هدايا عبارة عن مجموعة من المقالب الساخرة المضحكة، ومنهم من يراها مناسبة وثنية قديمة، تعددت الروايات.

والكذب بغرض التجمل، هو الأسلوب الأكثر انتشارا، ولخصه إحسان عبد القدوس في عبارة: «أنا لا أكذب ولكن أتجمل»، فحينما وقع ابن حفار القبور في هوى زميلته في الكلية، التي تنتمي إلى أسرة ميسورة الحال، اضطر أن يتظاهر بالندية، وحينما اكتشف أمره، واتهمته حبيبته بالكذب عليها، صاح معترضا: «أنا لا أكذب ولكن أتجمل»، والذين يضطرون إلى التجمل، في زمن تضخم الفوارق الاجتماعية وتآكل الطبقة الوسطى، كثيرون، فلو جرد البعض من ساعاتهم السويسرية، وأحذيتهم الإيطالية، و«أشمغتهم» الإنجليزية، وسياراتهم الألمانية لانطبق عليهم القول: «ربي كما خلقتني»، وهؤلاء لا يكذبون بالتظاهر بالثراء، ولكنهم يتجملون في وجه الزمن المادي بإنفاق كل رأس المال، والمدبر كريم.

وكل أبريل وأنتم على موعد مع الصدق.

[email protected]