روائي أمام القضاء!

TT

يبدو أن الروائي عبده خال - أو «عم عبده» - أصابته عين حسود نتيجة كثرة «القر» عليه من قبل أصحابه المعدمين، منذ فوز روايته «ترمي بشرر» بجائزة بوكر للرواية العربية، فهو اليوم في مواجهة عاصفة تهدد الرواية بالمنع من التداول، كما تهدد صاحبها بالسجن ودفع تعويضات لموسيقي عربي قيل إن الرواية أتت على ذكر اسمه بما لا يليق، فالموسيقي بصدد تكليف واحد من أشهر المحامين لتولي قضيته التي يعتزم رفعها إلى القضاء المصري والسعودي، وجائزة بوكر للرواية العربية وإن كانت كبيرة في شقها المعنوي والأدبي، فإنها شديدة التواضع في شقها المادي، فالخمسون ألف دولار التي يحصل عليها الروائي الفائز لا تكاد تكفي لتعويض الروائي - أي روائي - عن حقوقه المادية المنتهكة طويلا لدى الكثير من دور النشر، التي وجدت في الرواية الخليجية، والسعودية خصوصا، منجم أرباح مجانيا، لا ينال الروائي منه شيئا على المستوى المادي، فضلا عن أن عددا من دور النشر اعتادت أن تتقاضى مبالغ من جل الروائيين المبتدئين «في الفن أو الصنعة» نظير نشر رواياتهم وانتشارها، وعبده خال رغم ما حققته رواياته: «مدن تأكل العشب»، و«الأيام لا تخبئ أحدا»، و«فسوق»، و«الموت يمر من هنا» من شهرة وذيوع صيت، فإن ما ناله منها على المستوى المادي مجرد قبض ريح، لم يمكنه حتى من الاستغناء عن طابور الصباح المدرسي، حيث لم يزل يعمل معلم صبيان في الصفوف الأولى الابتدائية، يعود إلى بيته بعد كل يوم دراسي معفرا بفتات الطباشير، وصدى الهتاف التقليدي المخادع مع التلاميذ يرن في أذنه: «من جد وجد، ومن زرع حصد»، مع أن الحقيقة - وفي مقدمتها عبده - تؤكد أن الذي جد غير الذي وجد، وأن الذي زرع غير الذي حصد!

الرواية في العالم العربي محاصرة بالريبة والشك وسوء الظن، فالروائي ينظر إليه، وكأنه المسؤول عن سلوكيات شخوص روايته وانحرافاتهم وسائر ضروب أخلاقياتهم، وتتعاظم المصيبة إن ورد اسم في الرواية صادف أن يكون له وجود مماثل أو مشابه في الواقع، حينها من سيقنع من بأن الأمر مجرد مصادفة، مع أن الرواية لا يمكن أن تقتصر على شخوص من العالم المثالي، ولا أن تبتكر أسماء تضمن أن لا أحد ارتداها من قبل أو من بعد.

ولما كان المحامي السعودي خالد أبو راشد، والمحامية المصرية سهير منتظر يستبعدان أن تطال خال عقوبة السجن، وأن منع الرواية من التداول والتعويض المادي، هو ما ستسفر عنه القضية في أسوأ نتائجها، فإن «أسوأ نتائجها» تعني أن دولارات الجائزة «منظورة»، وعلى عبده خال أن يقتسمها مع أصحابه - ومنهم كاتب السطور - على نحو ما كان يفعل عروة بن الورد مع صحبه الصعاليك، وألا يبقي لـ«الورّاث» ولا حزمة كرّاث!

[email protected]