تحالف أول نيسان؟

TT

فوجئ اللبنانيون بصحفهم الصادرة في الأول من أبريل (نيسان) الحالي بخبر وصور لقاء الزعيم الدرزي، وليد جنبلاط، بالرئيس السوري، بشار الأسد، بشكل مفاجئ في دمشق في سلسلة من التعليقات والاعتذارات والتوضيحات والمقابلات التي قام بعملها جنبلاط، للاعتذار عما بدر منه من تجاوزات وإهانات جارحة بحق سورية ورئيسها. وتأتي هذه الزيارة في إطار ما يطلق عليه طريق المصالحة مع دمشق، وإصلاح ملف العلاقة بين البلدين، وبعض الأطراف السياسية.

وطبعا، هذا الجو الإيجابي الجديد والمناخ السياسي الصحي والفعال ما كان ليتحقق إلا بجهد جماعي أسهمت فيهما سورية، والعقلاء في لبنان، يدعم هذا كله التوجه الموزون للسياسة الخارجية السعودية، التي رأت أن الصالح العام العربي يقتضي النظر أبعد من المواقف الفردية والانفعالية. ولكن، لكي تستقيم الأمور بصورة كاملة، فلا بد من أن يكون التوجه الإصلاحي عاما، وفي أكثر من اتجاه، وليس في خط واحد فقط. فالإساءة التي تمت لم تطل سورية وقائدها فقط، ولكن هناك إساءات صدرت من شخصيات محسوبة على خط المعارضة أو المقاومة (بحسب التسمية الملائمة!) طالت رموزا سياسية، وقامات عربية مهمة لا ترضي السعوديين ولا المصريين ولا الأردنيين، وخصوصا من وئام وهاب، وبعض نواب حزب الله، وحركة أمل، والحزب القومي السوري، وحزب البعث في لبنان، وهي للآن قائمة، ولم يتم الاعتذار عنها، وبالتالي تجاوزها.

فالتطاول الذي حدث يجب أن يكون مرفوضا، وبالمطلق، وليس على جهة واحدة فقط، وإذا كان للمقاومة رجال وشرفاء أبطال، فهي مع الأسف الشديد لها أيضا أشقياء و«مشاغبين»، وهم في حاجة إلى تأديب فوري، وإعادتهم إلى جادة الصواب.. ومن السخرية اللافتة أن الحراك الجنبلاطي الجديد اطلع عليه اللبنانيون صبيحة الأول من أبريل، وهو يوم الكذب العالمي كما هو معروف، ولكي لا يشعر الناس والعالم أن ما حدث هو إجراء شكلي وليد الظروف ليس إلا، بدلا من أن يكون تغييرا منهجيا كاملا، وعودة إلى الحكمة والعقل، فلا بد من أن يكون الإصلاح في القول والفعل من نصيب الكل، وليس بصورة انتقائية، فالأذى الذي صدر من قِبل بعض الأبواق المأجورة - سواء أكانت رموزا حزبية معينة، أو شخصيات إعلامية موجهة - للسباب والإهانة بحق قامات شامخة في السياسة العربية، مسألة غير أخلاقية، وحتما غير مقبولة، واليوم تعد العدة لأن يذهب وئام وهاب إلى قصر بعبدا، للاعتذار لرئيس الجمهورية اللبنانية، ميشال سليمان، بعد أن وبخه وانتقده بشدة، وطالبه بالاستقالة، وهذه أيضا خطوة جيدة تحسب في طريق «التأديب»، وإعادة الأمور إلى الصواب. ولكن، مرة أخرى، هذه المسألة يجب أن تكون خطا عاما، وليس خطا انتقائيا.

الإساءة التي تمت في حق السعودية وقادتها، ومصر وقادتها، والأردن وقادته لا تزال قائمة، ولا بد من إعادة الأمور إلى نصابها بالاعتذار العلني ممن قام بهذا الفعل المشين والهمجي. لبنان في حاجة ماسّة إلى أن ينال احترام العالم لما يقوم به من خطوات تجاه الوئام والمصالحة، وهذا لن يتأتى من دون أن يحترم بعض ساسته أنفسهم!

[email protected]