التحرك الأميركي ضرورة

TT

مع تصعيد الاعتداءات في الاراضي الفلسطينية المحتلة، يزداد الاجماع الدولي على ان تدخل الولايات المتحدة بات ضرورة عاجلة لوضع نهاية لدائرة العنف الراهنة. أما ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش، فيبدو انها لا تزال متوقفة عند التحليل الذي اجرته بداية العام الحالي، والذي يقوم على افتراضين محددين، اولهما يتلخص في ان رفض الفلسطينيين «اتفاق سلام» رئيس وزراء اسرائيل السابق ايهود باراك يعني ان أيا من الطرفين ليس على استعداد للسلام. اما الافتراض الثاني، فيمكن تلخيصه في ضرورة السماح للطرفين بالعمل على معالجة المرارات المتبادلة لفترة من الزمن قبل ان ينصحهما أي طرف آخر بتبني استراتيجية مختلفة. الافتراض الاول خاطئ لأن ما طرحه باراك لم يحظ في واقع الامر بإجماع فلسطيني وعربي يدعمه، والاغلبية اعتبرت ان ما طرحه باراك كان عبارة عن افكار تؤدي لقيام ظل لدولة فلسطينية تحت وصاية اسرائيل. اما الافتراض الثاني فخاطئ ايضا لأن العنف والعنف المضاد يجعلان من استمرار العنف في حد ذاته عقبة في سبيل التفاوض بغرض تحقيق السلام. وهكذا، فإن هذا الموقف الاميركي لم يعد مجديا في ظل الاوضاع الراهنة.

«طفح الكيل»، هكذا وصف وزير الخارجية السعودي، الامير سعود الفيصل، استخدام اسرائيل للعنف ضد الفلسطينيين في الاراضي المحتلة. وفي هذا الوصف اشارة واضحة الى المخاوف العميقة التي يشعر بها الكثيرون في المنطقة إزاء انعكاسات تصاعد العنف الاسرائيلي في الاراضي المحتلة، وما يشكله ذلك من تهديد للسلام في الشرق الاوسط بكامله. من هنا اهمية ان تتجه ادارة الرئيس بوش صوب دبلوماسية نشطة لوضع نهاية للعنف، غير ان تحقيق ذلك مرهون بتقديم واشنطن مقترحات ملموسة لوقف اطلاق النار، تصاحبها مفاوضات جدية حول قيام دولة فلسطينية مستقلة. كما ان المناشدة بوقف اطلاق النار كغاية في حد ذاتها لن تؤدي في الغالب الى أي نتائج ايجابية. ان امام الولايات المتحدة مسؤوليات عالمية ليس بوسعها التهرب منها، وبوصفها قوة عالمية رئيسية تلعب دورا قياديا في المجتمع الدولي، يجب عليها ان تمارس الدور الذي يتناسب مع حجمها تجاه مستقبل السلام في منطقة شديدة الأهمية للاستقرار العالمي مثل منطقة الشرق الاوسط.