هداك الله يا صالح الشيحي!

TT

كتب الزميل صالح الشيحي مقالا في صحيفة «الوطن» السعودية بعنوان: «سامحك الله يا طارق الحميّد!»، قال في مستهله: «عتب كبير.. كبير جدا.. أرفعه إلى الأخ رئيس تحرير صحيفة (الشرق الأوسط) على إتاحته الفرصة للمرضى والمشبوهين للإساءة إلى سكان الشمال السعودي.. من خلال تمرير مادة صحافية أقل ما توصف بأنها مسيئة ومشينة ومهينة... تحت عنوان صارخ مستفز: (دراسة ترصد غياب الانتماء الوطني بين نساء في المناطق الحدودية)».

وللأسف، فقد حمّل الزميل الأمور أكثر مما تحتمل، واختزل ما نشر ليقول إنه استهداف لسكان الشمال، وهذا غير صحيح إطلاقا، حيث ورد في الخبر كل من ينبع، التابعة للمدينة المنورة، وحفر الباطن، التابعة للمنطقة الشرقية، و«غيرهما» بحسب ما ورد في الخبر، بل إن الزميل قام بوصف معدة الدراسة بأوصاف قاسية، لا تشبه لغته، ولا مقالاته، فمعدّة الدراسة أكاديمية، وعضو لجنة المناصحة النسائية السعودية، ودراستها جاءت من خلال متابعة أسر الموقوفين والمطلوبين أمنيا في تلك المناطق، وهذا يعني أنها تعرف ما تقول، وانطلقت من الموقع الصحيح، كما أن عنوان الخبر الصحافي كان منصفا، حيث خص بعض النساء، ولم يشملهن كلهن، وتحدث عن المناطق، وليس منطقة بعينها.

ويجب أن نقرّ أولا بأن خطر الإرهاب يوجب النقاش، والجدية، حتى لو عبر إرهابي غير سعودي الأراضي السعودية، ناهيك عن وجود أعداد كبيرة من أبنائنا على قائمة الإرهاب! فمناقشة أسباب الإرهاب، ودوافعه، وأماكن انتشاره، وكشف أسماء الإرهابيين ليس للتشهير بقبائلهم، ولا مدنهم، بقدر ما هو حماية للجميع، وإقرار بواقع.

واللافت أن تتمتع الحكومة السعودية بالمرونة، والتفاعل الحازم بمحاربة الإرهاب، وتقصي أسبابه، بينما بعض من زملائنا يحاول تصوير الأمر على أنه ذو بعد مناطقي، وخصوصا أننا قد ناقشنا كل ما له علاقة بالإرهاب، في الرياض، والقصيم، وجدة، ومكة المكرمة، وغيرها، انطلاقا من رؤية واحدة، وهي المملكة العربية السعودية، وخطر الإرهاب عليها، وليس من زاوية مناطقية ضيقة، ولذا نستغرب أن تتمتع الدولة بمرونة لا يتمتع بها المثقف. فبينما، مثلا، تعلن وزارة الشؤون الإسلامية إخضاع قرابة 15 ألف إمام وخطيب، في أنحاء السعودية كافة، لبرنامج يؤصل لغرس حب الوطن والانتماء إليه شرعيا، يأتي من زملائنا من يقول إننا أسأنا إلى منطقة بعينها فقط لأننا نشرنا دراسة قامت بها مختصة!

والأغرب من ذلك كله أن زميلنا الشيحي نفسه كتب مقالا ثمن فيه كلمة للأمير خالد الفيصل في يناير (كانون الثاني) 2010 عن «تأصيل منهج الاعتدال السعودي»، حيث قال الزميل في مقاله المعنون بـ«منهج الاعتدال السعودي»: «هذه هي الحقيقة فعلا.. طيلة فترة دراستنا منذ المرحلة الابتدائية وحتى الجامعية، لا نعرف أي شيء عن تاريخ تأسيس الدولة السعودية الثالثة سوى أن المؤسس الملك عبد العزيز - رحمه الله - فتح الرياض عام كذا، ودخل مكة عام كذا، وضم الأحساء عام كذا.. باستثناء ذلك، لا نعرف أي شيء آخر»! واليوم يغضب علينا الزميل نفسه لأننا نشرنا دراسة تقول إن «البعض» في السعودية يعاني غياب حس الانتماء الوطني؟!

لذا نقول: هداك الله يا صالح الشيحي!

[email protected]