المرأة والسيارة

TT

سمعت في سلطنة عمان، حيث تضج السلطات بموضوع حوادث السير وكيفية الحد منها، أن المؤسف فيها أن أكثر ضحاياها من النساء والأطفال. وهذه ظاهرة عالمية، وتنطوي في رأيي على شيء من العدالة، فالمرأة هي السبب على ما يبدو لي في معظم هذه الحوادث. فالمعروف أن أنظار الكثير من السائقين تتحول من مراقبة حركة السيارات وإشارات المرور وتزوغ إلى عيون وقوام الحسان الواقفات على الرصيف، فتصطدم السيارة بمن أمامها وتحصل الكارثة. تلقي الشرطة القبض على السائق المسكين ولا تلتفت لمن كانت السبب.

تفاقمت هذه المشكلة بعد شيوع موضة التنورة القصيرة دون أن يكون مصممها قد وعى آثار فعلته على حركة المرور. فما أن تمر على الرصيف فتاة بهذا الزي حتى تتحول عين السائق نحوها ويغفل عما أمامه. ويحدث أن تكون أمامه امرأة أكثر جمالا من الأولى فيدهسها ويكسر إحدى ساقيها أو ربما كلتيهما. يتهمون عندئذ السائق أو السيارة أو سوء تخطيط الطريق وما فيه من مثلثات، بينما يكون الجاني الحقيقي هو مصمم الـ«مني جوب»، وليس مصمم السيارة أو مخطط الطريق.

تكلمت في ذلك مع صديقي بهاء الدين في معرض مسقط الدولي للكتاب، فقال ألا ترى وراء ذلك حكمة الستر على المرأة عندنا في لبس العباءة والبرقع؟ تأملت في ذلك ثم قلت قد يبدو هكذا، ولكن لهذا أيضا جوانبه السلبية والخطرة على سلامة السير. فالسائق من مسافة مائة متر مثلا ينظر إلى هذا الجلباب الأسود ولا يتصور أن في داخله يوجد مخلوق حي. وعندما يقترب يدرك أن ما لم يميزه عن بعد هو امرأة. ولكنه لا يستطيع أن يتبين وجهها من ظهرها، وبالتالي لا يعرف إن كانت متجهة نحو السيارة أم مبتعدة عنها. فيسيء التقدير. ولا تمر غير ثوان حتى يكون قد دهس تلك السيدة «المعبأة» (لابسة العباءة) فيختلط الأسود بالأحمر.

الحقيقة أن العمانيات كن يستعملن عباءات وفوطات بألوان زاهية تعكس زهو بلدهن. وبدأن باستعمال السواد مؤخرا. ولا أدري ان كان أحدهم قد أقنعهن بكفر الألوان الزاهية. فعل ذلك في مسقط ويظهر أنه تقاعس عن وعثاء السفر للجبال والأرياف فترك نساء الجبل الأخضر يحافظن على العباءات التقليدية الزاهية التي تسحر أنظار السائح والزائر، مما اضطر السلطات لتعليق لوحات تقول «يرجى عدم تصوير السكان دون استئذان». وهذه نقطة جديرة بانتباه وزارة السياحة، ليس لمجرد تشجيع السياحة في السلطنة، وإنما لأن الثياب الملونة تعطي سلامة أكبر في الطرق. وهذا موضوع يستحق فتوى جديدة حفاظا على سلامة المسلمات من السيارات. الشرطة في بريطانيا مثلا تحثنا على لبس ثياب فاتحة أو ملونة عند الظلام.

لكن فتنة الحسان ليست الخطر الوحيد على السلامة. لقد فازت مسقط بالجائزة الأولى لأحسن مدينة عربية في زينتها. حيثما تسوق تواجهك الأوراد على امتداد الطريق، فلا تدري عينك لمن تلتفت، للعيون الكحيلة والقامات النحيلة تمر على الرصيف، أم لأوراد زاهية تكتنف الممر، أم لإشارات المرور؟