العريفي وزيارة القدس!

TT

لا يشغلني كل الجدل الدائر على خلفية إعلان الداعية الدكتور محمد العريفي عن نيته زيارة القدس لتصوير حلقة تلفزيونية لبرنامجه الأسبوعي، وإنما ما يشغلني هو السؤال التالي، للعريفي ومريديه، وغيرهم: ماذا عن من يرغب من الصحافيين العرب بتغطية زيارة الشيخ ولحظة دخوله إلى إسرائيل؟ فهل سيحاسب على أنه قام بتطبيع مع العدو، أم لا؟ بل وهل ستشن النقابات، وصحافة الشعارات، هجوم عليهم، أي الصحافيين؟ وهل ستقوم القنوات الفضائية التي تبث برامج الداعية بإرسال مندوبيها أيضا إلى إسرائيل لتغطية الزيارة؟

قد يرى البعض في هذه الأسئلة استفزازا، والواضح أن الاستفزاز بعينه، أو قل الشطط، هو ما أقدم عليه العريفي بإعلانه عن نية الذهاب إلى القدس، فمن الواضح أن الداعية يبحث عن شهرة، وأضواء إعلامية، لكن هذه ليست الطريقة المثلى لذلك، بل هي دليل جهل سياسي، وهو أمر ليس بغريب، حيث سبق الإعلانَ عن زيارة القدس هجومُه الشهير على السيد السيستاني، وبشكل غير لائق، ومرفوض، وفي توقيت ينم عن جهل سياسي كبير حيث حرّض الحسّ الطائفي المقيت، وفتح بابا من التهجم والشتائم غير محمود العواقب، ناهيك بفتاوى مثيرة للجدل حتى في كرة القدم!

وعندما نقول إنه أبعد ما يكون عن الوعي السياسي فيتضح ذلك من حديثه عن خوفه من غدر اليهود، ومحاولة الظهور بمظهر البطل، وهو ما يبدو أنه سيرتد عليه، إن لم يكن قد ارتد عليه بالفعل، حيث اعتقد أن الإسرائيليين سيقدمون له هدية ويخرج كاسبا بتلك الشعارات، والذي حدث، حتى الآن، هو العكس، حيث بادر الإسرائيليون للقول، وبكل برود، إن كل ما على الداعية العريفي فعله هم التقدم لطلب تأشيرة نظامية لدخول إسرائيل من خلال سفارتهم بعمان، أو سفارتهم بالقاهرة، ليتسنى له دخول القدس.

وبالطبع فلا يمكن أن يُعتبر تصرف العريفي دعما ونصرة للقدس، أو القضية الفلسطينية، بأي حال من الأحوال، بل وكما أسلفنا إنها تمثيلية إعلامية، يراد منها الأضواء والشهرة، حيث إن الداعية «حج والناس راجعين» كما يقول المثل الشعبي، فوسط ضغط دولي على إسرائيل، ووسط تأزم أميركي إسرائيلي، ناهيك بالضغط على حكومة نتنياهو، حول بناء المستوطنات، يأتي الداعية العريفي ليقول إنه ذاهب إلى هناك نصرة للقدس!

وإذا كان هذا هو الطريق الأمثل لنصرة القدس فلماذا يخوّن الذين كانوا يطالبون بأن يكون هناك تحرك، بل وزيارة للقدس من أجل تسجيل حق العرب فيها، واعتبر توجههم هذا على أنه تطبيع واعتراف بالدولة الإسرائيلية؟ واليوم عندما يعلن العريفي عن نيته زيارة القدس تعتبر نصرة، وجهادا، أم ربكة وصمتا؟!

المؤكد أن مريدي الداعية، والمنافحين عنه، باتوا اليوم في ورطة، فإن دافعوا عنه فقد أصبحوا دعاة تطبيع، وهذه سابقة، وإن التزموا الصمت، على أمل أن تأتي زوبعة إعلامية أكبر تثير الغبار وتحجب الرؤية لينسى الناس ما فعله العريفي يكونوا قد ارتكبوا خطيئة الصمت.

وعلى هذا الأمر أن يكون درسا لكل من يرفض خطاب العقل والمنطق، ويصدق مرددي الشعارات.

[email protected]