رعب داخل الطائرة.. وفرح وموسيقى عند الوصول

TT

عندما عُرض التابوت الجميل الخاص بالأمير «إيمستي».. في المؤتمر الصحافي الذي نظمته الجمعية الجغرافية «ناشيونال جيوغرافيك» انبهرت الصحافة الأجنبية والعربية بجمال التابوت والألوان الزاهية التي تشير إلى أهمية هذا الرجل.. وفي كلمتي خلال المؤتمر تحدثت عن أهمية عودة الآثار المسروقة إلى أوطانها وكذلك أهمية حث الدول والشعوب على عدم اقتناء آثار مسروقة وذلك في خطوة لتجفيف السوق الرائجة لهذه التجارة المحرمة. ولا تتصوروا مدى سعادتي بعودة هذا الأمير الفرعوني الوسيم داخل تابوته الجميل الذي غادر مصر في ظروف غير معروفة.. يقال منذ أكثر من 80 عاما!

وفي اليوم التالي بعد المؤتمر الصحافي قام المسؤولون بالجمعية الجغرافية بتغليف التابوت على أعلى مستوى لحمايته وتم نقله عن طريق سيارة مخصصة إلى مدينة نيويورك وبمجرد وصولنا إلى مطار كنيدي أخبرني مدير المحطة أن صديقي العزيز الفريق أحمد شفيق أصدر أوامره بسفر الأمير الفرعوني «إيمستي» مجانا على طائرة مصر للطيران في مقصورة ملكية بعيدا عن أعين المشاهدين.. أما الأمر الذي أسعدني كثيرا وأدخل السرور إلى قلبي فهو أنني عرفت أن الأوامر قد صدرت لاستقبال الأمير بمطار القاهرة استقبال الملوك.

وبمجرد صعودي إلى الطائرة وجلوسي على مقعدي وجدت أسرة أميركية تجلس على الناحية الأخرى، وتعرف عليّ الرجل وزوجته وقالا إنهما يشاهدانني دائما على قناة «ديسكفري» وقناة «ناشيونال جيوغرافيك»، وكان آخر فيلم وثائقي عن الاكتشافات الأثرية التي قمت بها هو الفيلم الذي عرضته قناة «ديسكفري» عن عائلة الملك «توت عنخ آمون». المهم وجدت السيدة تسألني عن سبب زيارتي هذه لأميركا فقصصت عليها قصة الأمير إيمستي وتابوته الجميل وهنا سألتني السيدة عما إذا كان التابوت سيعود إلى مصر أم أنه قد عاد بالفعل فضحكت وقلت لها إن التابوت موجود ببطن هذه الطائرة، وهنا تغيرت ملامح السيدة وظهر الانزعاج على وجهها وبدأت ترتجف وتقول: «يا إلهي! إن الطائرة سوف تسقط بنا وسوف تصيبنا لعنة هذا الأمير الفرعوني!»، وصرخت في زوجها وقالت له: «يجب أن نغادر هذه الطائرة فورا! ألا تعرف لماذا غرقت السفينة (تيتانيك)؟»، وأضافت قائلة: «لقد كانت هناك مومياء أميرة فرعونية تم شحنها من أحد موانئ أيرلندا»!

وهنا شعرت بأن الموقف سوف يتأزم أكثر خصوصا بعد أن بدأ بعض الركاب في متابعة حديث السيدة، ووجدت زوج السيدة المسكين ينظر إليّ مستعطفا أن ألطّف الموقف فقلت للسيدة: «أولا التابوت ليس بداخله مومياء، ثانيا لا يمكن أن تحل اللعنة بهذه الطائرة بالذات لأنها تحمل التابوت إلى وطنه عكس الطائرات والسفن التي تسرق الآثار وتهرّبها خارج أوطانها، فهذه بالذات السفن والطائرات التي تصيبها اللعنة». كنت أقول هذا الكلام وأنا أبتسم من داخلي، وبالفعل صدقتني السيدة واقتنعت بوجهة نظري هذه وبدت سعيدة بمجرد أن ذكرت لها أن أرواح الفراعنة كلها ترفرف على هذه الطائرة فرحا بعودة أمير فرعوني إلى بلده، وكانت السيدة في منتهى الفرح وهي تستمع إلى هذه الكلمات.

انقضت الساعات العشر بسرعة وهي مدة الرحلة من نيويورك إلى القاهرة وحمدت الله على الوصول وعدم وجود أي مشكلات خلال الرحلة ووجدت الرجل وزوجته يتقدمان نحوي ويقولان إنهما سيتذكران دوما هذه الرحلة وكيف أنهم جاءوا إلى مصر مع تابوت أمير فرعوني.

وفي المطار كان الصحافيون ورجال الأعلام في انتظارنا بكاميراتهم وميكروفوناتهم والكل يسأل: «كيف حال الأمير (إيمستي)؟».