الضيف

TT

الذي يتقدم في السن مثلي تتولد لديه عادة إرغامية، وعبثية معا، هي عادة المقارنة. قلت عبثية لأن المقارنة لا تنفع إلا في ذريعة البحث عن مقال آخر، وقلت عادة لأن المثل الإنجليزي يقول إن العادات القديمة تزول بصعوبة، وعندما كانت القمم تعقد في بلادنا في الماضي، كان ضيوفنا من نوع شو إن لاي وجواهر لال نهرو والمارشال تيتو وكوامي نكروما. مجموعة من الناس حررت شعوبها، وحافظت على وحدتها، وسعت إلى تقدمها، واحترمت مشاعرها، وطلبت تقدمها وترقيها، وشاركتها أحلامها وأحزانها، وبشرتها بالأمل وحياة الأفضل، ووعدتها بالقانون والعدالة والإنصاف.

وقد شعرت بالأسف أن يكون بين ضيوف القمة الأخيرة السنيور سيلفيو برلسكوني؛ فهو رجل لا يتمتع باحترام أحد، رغم إعجاب الإيطاليين ببذخه وفضائحه النسائية وعلاقاته المزعومة بالجريمة المنظمة. وتصور مجموعة من الكتب الصادرة في إيطاليا المطرب السابق على أنه سياسي نقل بنات الشارع إلى الحكومة وإلى البرلمان، وأنه يستغل الإمبراطورية الإعلامية التي يملكها، إما لاجتذاب معارضيه أو لتهديدهم.

وتظهر الأرقام الرسمية أن برلسكوني ألهى إيطاليا بالخبريات التافهة فيما انزلق البلد إلى المرتبة الأخيرة في أوروبا في كل الحقول: إنها في المرتبة السفلى من حيث النمو بين 30 دولة تشكل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. فقد كان النمو بين هذه الدول منذ 1994 بمعدل سنوي يبلغ 2.6% مقابل 1.5% في إيطاليا. وقد ضاعفت إسبانيا عدد الأسرة الجامعية منذ ذهاب فرانكو عشر مرات إلى 26%، في حين لا يزال في إيطاليا 12.6%، أما المعدل العام في دول منظمة التعاون فهو 26%. وفي الوضع الاقتصادي العام تتلكأ إيطاليا على بُعد خلف دول مشابهة وقريبة مثل فرنسا وألمانيا وإسبانيا وبريطانيا.

تمتلئ مكتبات إيطاليا بالكتب التي وضعتها نساء محترفات عن تجاربهن مع المطرب السابق. كيف افتتح لهن مدارس خاصة على عجل لكي يتعلمن السياسة قبل خوض معركة البرلمان الأوروبي، وكيف - ولماذا - أدخلهن البرلمان الإيطالي، ثم الحكومة الإيطالية. وعندما اعترضت زوجته واتهمته بمصاحبة القاصرات فنفى هذا الاتهام.