الأمر بالمعروف

TT

حينما عُيّن الشيخ عبد العزيز بن حميّن رئيسا عاما لهيئة الأمر بالمعروف بدأ عمله بإعطاء إشارات إيجابية كتغليب مبدأ حسن الظن، والأخذ بمقولة عمر رضي الله عنه: «أن أخطئ في العفو خير من أن أخطئ في العقوبة»، وأن رجال الهيئة لن يكونوا غلظاء مع الناس، مؤكدا أن «الخطأ وارد من أي إنسان يعمل ولذلك فإننا سنسعى للعمل بقدر ما نستطيع على تلافي أي أخطاء قد تحدث».

يومها كتبت وغيري بأن هذه الإشارات يفترض أن يقابلها المجتمع ومؤسسات الإعلام بما تستحق من الاحتفاء، وتمنيت أن تلتقي أفكار الرئيس وتوجهاته ورؤاه مع حرص أفراد هذا الجهاز - ومنهم الكثير من الأفاضل - للانتقال إلى مرحلة جديدة أكثر التزاما بحدود الصلاحيات وضوابط الإجراءات، ولم تزل لدي القناعة بأن الرئيس جاء يحمل كل تلك النيات الطيبة التي صرح بها وأكثر، ولكن لعل الأمور لم تسِرْ كما تمنى، وتمنى الحكماء من رجال الهيئة، فثمة إشكاليات لم تزل تطفو على سطح الصحف، ومن أحدثها: توقيف البعض في الطريق العام للسؤال عن مرافِقاتهم من النساء، والصعود إلى سطح إحدى عمارات المدينة المنورة - كما قيل - للتحري عن الاختلاط! قبل الحصول على الإذن بالمداهمة، وما نتج عنه من إلقاء اثنين بنفسيهما من سطح تلك العمارة، وقصة فتاة تبوك التي تم القبض عليها، والتحقيق معها في مقر الهيئة، واستجابة المصلين في المسجد المجاور لأصوات استغاثتها.

وبعض ملامح الدور الذي تقوم به الهيئة موجود بصورة أو بأخرى في الكثير من الدول تحت مسميات مختلفة مثل «شرطة الآداب»، أو «شرطة الأخلاق»، ونحوهما، مع التنبه لاختلاف مناهج إعداد العاملين في تلك الأجهزة، لكن جهاز الهيئة في بلادنا تَشكّل استجابة للتوجيه الرباني، وتسند مهمته - في الأساس - إلى رجال على درجة من العلم الشرعي، والالتزام، والرغبة في الإصلاح الاجتماعي، وتقديم النصيحة، ويحمل الجهاز في مسماه جوهر دوره «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، وكلمة «المعروف» هنا لها دلالاتها اللغوية والنفسية والإجرائية التي لو استشعرها الجميع لكفتنا وسيلة ومنهجا.

ما أريد قوله أن على رئاسة الهيئة أن تكون أشد على المدانين من أفرادها من أي جهة أخرى لكي لا تسمح لهذا البعض بالإساءة أو التشويه أو التقليل من الدور الذي يضطلع به جهازها، وأن على وحدة حقوق الإنسان، المنبثقة عن الشؤون القانونية في الهيئة، والتي تُعنى بحقوق المقبوض عليهم، من خلال حفظ كرامتهم وتمكينهم من حقوقهم المقررة شرعا ونظاما، أن تمضي نحو تحقيق غاياتها، وإدانة المخالفين أو غير الملتزمين من أفرادها بهذا التوجه الإنساني والنظامي، وتبقى الأمنيات بأن تسهم المتابعة، والرغبة في التطوير، وكذلك برامج التدريب التي يخضع لها أفراد الهيئة، في تلافي بعض الأخطاء التي تحدث في أثناء العمل الميداني للمحافظة على نقاء الصورة.

[email protected]