الوقت ينفد لمواجهة التهديدات النووية الإيرانية

TT

في الوقت الذي يستعد فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما لاستضافة قمة للأمن النووي في واشنطن يومي الاثنين والثلاثاء القادمين لرفع مستوى التعاون الدولي في مواجهة الإرهاب النووي، فإن الوقت بلا شك بدأ ينفد لمواجهة التهديدات النووية الإيرانية.

ومع اقتراب مرور ثماني سنوات على الكشف عن البرنامج السري النووي للنظام الإيراني من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، الذي كشف عن منشأة تخصيب اليورانيوم في ناتانز، والأخرى التي تعمل بالماء الثقيل لإنتاج البلوتونيوم في آراك، يقف العالم على حافة المواجهة مع إيران نووية.

كان النظام الإيراني قد تلقى كثيرا من العون خلال هذه الفترة ممن يمكن وصفهم بصناع سياسة مهادنين قدموا كثيرا من التنازلات والحوافز، في الوقت الذي قالوا فيه للعالم إنهم قادرون على إجبار النظام الإيراني على تغيير سلوكه.

وقد غيّر النظام الإيراني من سلوكه بالفعل، فاستبدل المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الرئيس المتشدد أحمدي نجاد بالمعتدل محمد خاتمي، وتعهد المسؤولون الإيرانيون بعدم التراجع قيد أنملة عن مشروعاتهم النووية. ومن المحزن أيضا، أن الاتحاد الأوروبي كان من بين المتهمين بذلك، إلى جانب خافيير سولانا وجاك سترو، الذين يتوجب عليهم الرد على كثير من الأسئلة، فقد كانوا هم مَن تعاملوا مع النظام خلال السنوات الثماني الماضية التي طور النظام خلالها برنامجه النووي.

عندما فشلت مساعي هؤلاء الساسة في التصدي لإيران، قدموا كل أنواع الحجج لتبرير فشلهم، كان أبرزها تردد الولايات المتحدة في التفاوض بصورة مباشرة مع إيران. وعندما تولى الرئيس منصبه كانت هناك كثير من الآمال.

وخلال العام الماضي مد أوباما يده بغصن الزيتون إلى القيادة الإيرانية، ووضع عددا من المواعيد النهائية من أجل تسوية سلمية للملف النووي الإيراني. لكن عرضه رفض سريعا. وأتت المواعيد النهائية للرئيس أوباما ومضت دون أي تواصل من جانب النظام الإيراني. كان على الولايات المتحدة أن تتحرك من حينها لتطبيق، مع تحالف دولي موسع، العقوبات التي هددت بأنها ستكون صارمة.

وبدلا من ذلك، بعد أكثر من ثلاثة أشهر من انتهاء المهلة المحددة التي وضعتها الإدارة الأميركية، لم تظهر في الأفق تلك العقوبات الصارمة التي تحدثت عنها. ومع مرور الوقت، فإن أقصى ما يمكن توقعه هو نوع من العقوبات يمكن لإيران تحمله دون مواجهة صعوبة كبيرة.

كان التفاوض مع إيران مبنيا على اعتقاد خاطئ بأن الملالي يمكن رشوتهم، وأنهم سيتصرفون بصورة ما في سبيل الصالح الوطني الإيراني، وهو ما ثبت خطؤه. وهناك أمر واحد فقط أخطر من الفشل في الرد بقوة على التهديدات، وهو التهديد للرد بقوة، والفشل في تنفيذ ذلك التهديد. وبات النظام الإيراني يعلم الآن، إن لم يكن يعلم بالفعل، أن المجتمع الدولي لا يملك الشجاعة أو الاقتناع بمواجهة برنامجه النووي.

أحد الأسباب وراء انتهاج قادتنا سياسة المهادنة تجاه إيران خلال العقد الماضي قول صناع السياسة إن البديل الوحيد هو الحل العسكري ضد إيران. وإن المواجهة العسكرية ستكون مدمرة على الأقل لـ70 مليون فرد. من ناحية أخرى فإن التفاوض مع آيات الله يضفي عليهم وعلى نظامهم الوحشي الشرعية.

في عام 2004 أبدت السيدة مريم رجوي زعيمة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية رفضها كلا من المهادنة والتدخل العسكري، وشرحت ذلك في خطاب وجهته إلى البرلمان الأوروبي ما سمته «الخيار الثالث الحقيقي والوحيد» وقالت إن أقصى ما يرغب فيه الإيرانيون تبني المجتمع الدولي سياسة حازمة تجاه طهران، في الوقت الذي يدعم فيه الشعب الإيراني ومعارضتهم المنظمة من أجل تغيير سلمي. لسوء الحظ تم تجاهل رسالتها من الساعين إلى المهادنة. يجب على الولايات المتحدة وأوروبا توحيد جهودهما لفرض عقوبات جديدة على النظام، مصحوبا بدعم سياسي لملايين الإيرانيين الشجعان في إيران المطالبين بالتغيير.

* رئيس البرلمان الأوروبي وأستاذ الفيزياء النووية

* خاص بـ«الشرق الأوسط»