دروس سبع سنوات عراقية

TT

كل طرف يستطيع أن يحاضر علينا في الدروس التي يمكن لنا أن نتعظ من ورائها في إسقاط نظام صدام واحتلال العراق. الجانب الأميركي يشير إلى أنه في حرب خاطفة في عشرة أيام أسقط أعتى نظام عربي مدجج بالأمن والسلاح، وأنه زرع ديمقراطية على أكثر تراب المنطقة ملوحة. أما الطرف العراقي المهزوم فيستطيع أن يشير إلى أن سبع سنوات مضت ومع هذا لا يزال الدم الأميركي يسيل على التراب العراقي، وأن أقوى قوة في العالم عجزت عن التحكم في بلد صغير نسبيا، لدرجة أنها لم تعد تمنع حتى أحمد الجلبي من إفساد الانتخابات.

الحدث العراقي مفصل مهم، ليس في تاريخ المنطقة، بل في نظام العلاقات الدولية، كونه الأبرز في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، والدروس منه كثيرة:

- فقد أكد الحدث أن العضلات بلا عقل وحكمة تفسد أعظم الانتصارات، فالنظام العراقي تهاوى في اجتياح كاسح، والعراقيون سلموا بلا مقاومة تذكر، لكن الأميركيين، رغم سهولة المهمة، فشلوا في إدارة الانتصار.

- ظهر جهل لا يعقل عند الإدارة الأميركية، جعلها تستهين بتفاصيل صغيرة في العراق والمنطقة، حوّلها إلى قوة عمياء تتخبط في قراراتها. وبدأت سلسلة أخطاء مروعة أولها حل الجيش وأجهزة الأمن، ثم صنفت العراقيين بين عدو وصديق، مما قلب النصر السريع إلى هزيمة طويلة.

- أضعف الاحتلال كلا من العراق وأفغانستان لصالح إيران في منطقة يلعب الجميع فيها وفق ميزان قوى حساس، فأضعف دول الاعتدال وعزز قوى الفوضى.

- صار هناك شبه إجماع بين الأنظمة في المنطقة، على اختلاف توجهاتها، على ضرورة إفشال المشروع الأميركي، لأن كل طرف كان يظن أنه يستهدفه، مما سهل عزل الأميركيين وتعطيل نفوذهم إقليميا.

- ثم تسبب عجز القوة الأميركية في كسر هيبتها السياسية، والهيبة عامل أساسي في إنجاح قيادة المنطقة وحماية مصالحها.

- ويبدو أن إيران تنسى الدرس الأول وسط ابتهاجها المستمر بتطوير قوتها، وهو أن صدام، أشرس الزعماء في المنطقة، خسر حكمه بسبب عناده وجهله، والأميركيون قادرون على ركوب درب الحماقة ثانية بما سيعنيه من تدمير لإيران وحلفائها.

- لم تتعظ معظم دول المنطقة بعد، كيف أن القوة العسكرية لم تكن أبدا خير وسيلة لتأمين الحكم، بدليل سقوط صدام، صاحب أقوى ترسانة في المنطقة. ذهب ولم يبك أحد على غيابه غير ابنتيه.

- أن العراقيين رغم أنهم لم يصمموا النظام السياسي الذي يسيرون عليه اليوم استطاعوا التعايش في كنفه وصار يعطيهم شعورا بالقيمة والديمومة، إن لم يفسدوه بالخروج عليه.

[email protected]