مسؤولون في طبعاتهم الأخيرة!

TT

الكثير من الناس يستعيدون ذواتهم المسروقة من ركاب الغرور حينما يترجلون عن الكراسي، وفي رحلة العمر التقيت رؤساء ووزراء ومسؤولين سابقين على درجة كبيرة من الحس الإنساني، ونضج الرؤية، وسمو المشاعر، وأسفت كثيرا أن يتحول كل هؤلاء إلى مقاعد «المتفرجين»، وهم الأولى والأجدر والأحق بالبقاء على المسرح أو داخل الملعب.

وحينما بحت لصديقي الحكيم بما أشعر به تجاه هؤلاء، ضحك حتى كاد يستلقي على قفاه - على طريقة الأفلام التاريخية - وقال: «ويحك يا عكرمة، إن ما تشاهده من هؤلاء اليوم هو الطبعة الثانية، أو الأخيرة، أما هم في طبعاتهم الأولى فلا يختلفون عن الكثيرين صلفا وغطرسة واختيالا، بل وظنا بأنهم هبة الله لسكان الأرض، وهذا ما أجّل معرفتهم بالكائنات الصغيرة التي تدب على الأرض من أمثالك حتى طبعاتهم الأخيرة»!

* «إحنا بتوع الأتوبيس»

* «الأتوبيس» الذي تحدثت عنه في مقال سابق بعنوان «قبل أن يصل الأتوبيس إلى محطته الأخيرة» يختلف عن «أتوبيس» عادل إمام وعبد المنعم مدبولي في فيلم «إحنا بتوع الأتوبيس»، فـ«أتوبيسي» قصدت به عربة العمر التي تأخذنا من محطات الصبا والشباب إلى محطات الكهولة والشيخوخة قبل أن نستفيق على صوت الزمن - أو «الكمساري» - يعلن قرب وصول «الأتوبيس» إلى محطته الأخيرة، وعزف المقال مصادفة - دون قصد مني - على وتر لدى صديقي الجميل الكاتب والدبلوماسي عبد العزيز الصويغ، فترنم عبر مقال ممتع وساخر له في صحيفة «المدينة» من مقره في القاهرة قائلا: «إحنا بتوع الأتوبيس»، مؤكدا أنه من ضمن ركاب الحافلة «نسير - على مهل أو عجل - في اتجاه محطة العمر الأخيرة».

والصويغ كاتب بارع، يصنع من «الحبة» قبة، ومن حبر الكتابة «شربات»، فاستولد من المقال مقالا آخر، وقرع على طبله كمسحراتي، مذكرا أصدقاءه - في غفوة العمر - على طريقة سيد مكاوي:

«اصح يا نائم..

وحد الدائم».

* الإكراه على التشابه

* الإنجليزي يريد أن يقضي إجازته في باريس، ومشاهدة برج إيفل وغابة بولونيا والحي اللاتيني، والفرنسي يرغب في زيارة لندن للاستمتاع بـ«الهايد بارك»، ورؤية قصر باكنغهام، وميدان الطرف الأغر. تذكرت ذلك وأنا أصعد الطريق قبل أيام نحو مدينة الطائف المرتفعة كثيرا عن سطح البحر، في الوقت الذي كانت فيه أعداد كبيرة من العربات تهبط الجبل في اتجاهها إلى جدة لينعم ركابها بالساحل والبحر.

الناس مختلفون، ولولا هذا الاختلاف لركدت الحياة وعطبت كحبة «كرز» تجاوزتها مواسم القطوف، فلكل منا عالمه الخاص، ولست أدري لماذا يصر البعض على إكراهنا على التشابه؟!

[email protected]