ضوء بسيط على زمن الجهل

TT

الحمد لله الذي أعز الإسلام بالوحدانية، وأذل الشرك بتحطيم الأصنام والأوثان التي كان يعبدها ويتبرك بها الجهلة من العرب وغير العرب، قبل أن تنزل الرسالة على سيد الخلق، وينتشر النور ليعم أرجاء المعمورة، فلا حاجز ولا وسيط بين العبد وخالقه.

وإن الإنسان ليعجب عندما يتبحر بقراءة التاريخ القديم قبل ظهور الإسلام، وكيف كانت معتقدات وعبادات العرب في ذلك الحين، وكم هو العدد المهول من الأصنام والأوثان والأنصاب التي يعظمونها!

واختلف المؤرخون في زمن الجاهلية، فمنهم من بالغ ورده إلى عهد آدم، ومنهم من كان أكثر تواضعا ورده إلى عهد نوح، ومنهم من كان أكثر واقعية ورده إلى عهد إبراهيم، ولكن أكثرهم منطقية وعقلانية هو من رده إلى عهد عيسى - أي أنه كان قبل البعثة المحمدية بستة قرون تقريبا.

ليس مقالنا هذا تاريخيا بقدر ما هو إلقاء ضوء على فترة «الحسم» التي غيرت وجه التاريخ، عندما حطم محمد بن عبد الله الأصنام التي كانت «تزنّر» حوض الكعبة.

والغريب أنني وجدت كمًّا لا بأس به من الأصنام (الأنثوية) التي كانوا يعبدونها، ويبدو أن القوم من ذلك الوقت لديهم أثرة ومزاج خاص بالنساء، ومن تلك الأسماء نائلة، ود، سواع، السجة، شمس، جهار، السعيدة، ذات الودع، الكسعة، مناة، العزّى.

وكان هدم هذه الأخيرة على يد خالد بن الوليد، فلما جاء إلى الرسول سأله: ماذا رأيت؟.. قال: لا شيء. فقال له ارجع وأضربها ثانية، فلما رجع وجد تحت أصلها امرأة شيطانة ناشرة شعرها، وفي رواية للطبري أنه خرجت عليه امرأة حبشية عريانة، وهي تولول وتصيح، فقتلها خالد، ثم أخذ ما في بيتها من حلي على أن مصير سادنها دحية لم يكن بأحسن حال من مصير ربته العزى، إذ شد عليه خالد شدة فقتله شر قتلة.

أما مناة فقد قضى عليها علي بن أبي طالب، ويقال إنه وجد تحتها سيفين أحدهما يقال له «مخذم» والآخر «الرسوب»، وهما اللذان يقول فيهما الشاعر «علقمة الفحل»:

«مظاهر سربالي حديد عليهما..

عقيلا سيوف: فمخذم ورسوب»..

وقد أخذهما علي وسمى أحدهما «ذو الفقار» وهو السيف الذي لازمه طوال حياته.

أما (اللات) وهو صنم ذكر، فقد قضى عليه المغيرة بن شعبة، وقد قال فيه «شداد الجشمي»:

لا تنصروا اللات إن الله مهلكه..

وكيف نصركم من ليس ينتصر؟

غير أن نساء ثقيف في ذلك الوقت خرجن حاسرات الرؤوس يبكين ويولون قائلات:

«لتبكين دفاع.. أسلمها الرضاع.. لم يحسنوا المصاع»..

والمصاع تعني: الضرب بالسيوف..

والحمد لله الذي نصر عبده، وهزم الأحزاب وحده.

[email protected]