السعوديون في الهند

TT

العلاقات السعودية - الهندية ليست وليدة اليوم، بل منذ عقود بعيدة، لكنها اليوم تكتسي بعدا آخر، وأكثر حيوية. ففي عام 2006 حل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ضيفا على الهند في يوم استقلالها، واستقبل بحفاوة كبيرة تليق به وببلاده.

وقبل شهر كان رئيس الوزراء الهندي ضيفا على العاصمة السعودية التي شهدت ما سمي بـ(إعلان الرياض) الذي من شأنه تعميق العلاقات السعودية - الهندية، وأخذها إلى مستوى أفضل. واليوم نرى زيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز إلى الهند والحفاوة البالغة التي استقبل بها من قبل جميع المستويات الهندية؛ السياسية والاقتصادية، وكذلك التعليمية.

وتكمن أهمية زيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز إلى الهند في أنها تأتي بسياق متواصل لتفعيل العلاقات السعودية - الهندية وتوثيقها، كما أن لها أهمية أخرى حيث تظهر جدية التفاعل السعودي مع الهند. والأمر الآخر، الذي لا يقل أهمية، هو تعميق التواصل مع الهند، بكافة شرائحها. وذلك من أجل تعميق العلاقة كما أسلفنا، وترسيخ أرضية التواصل للمواطنين ورجال الأعمال، حيث بات هناك تفعيل لقضايا التأشيرات، وتسهيل حركة القطاع الاقتصادي، والتعاون الأمني، وغيرها بين البلدين.

للهند مكانة دولية مهمة، علميا واقتصاديا وسياسيا، وكذلك هي قوة نووية. ومكانة السعودية من الأهمية المعلومة أيضا، دينيا وسياسيا واقتصاديا، وأكثر. لذا فمن المهم أن تكون هناك علاقات سعودية فعالة معها، لما فيه مصلحة البلدين أولا، والمصلحة الدولية، سياسيا واقتصاديا.

وقد يعتقد البعض أن التركيز على عملية التواصل هو تبسيط، وهذا غير صحيح. وللتدليل، فهناك قصة سمعتها من إحدى الصحافيات الهندية في نيودلهي أمس، وتستحق أن تروى لإبراز أهمية التواصل. فعلى هامش لقاء مع بعض الصحافيين الهنود، نظمه السفير السعودي في الهند فيصل بن طراد، لي وللأستاذ تركي السديري رئيس تحرير صحيفة «الرياض»، قالت لي صحافية هندية إن أكثر ما حسن صورة السعوديين في الهند مؤخرا هو قصة ليس لها علاقة بإعلان الرياض، أو المشاريع المزمع إنجازها، أو حسن استقبال رئيس الوزراء الهندي الشهر الماضي في الرياض، بل هي قصة بسيطة جدا.

تقول الصحافية إنه عندما هم رئيس الوزراء بزيارة الرياض تقدمت نيودلهي بسؤال بسيط للسعوديين، وهو: هل يشترط أن ترتدي زوجة رئيس الوزراء العباءة، أم لا؟ جاء الرد من الرياض: الأمر متروك لكم!

تقول الصحافية الهندية إن هذه القصة لامست الإعلام الهندي، وحتى غير المتحمس، لتمتين العلاقات السعودية - الهندية، وأرسلت رسالة للمجتمع الهندي مفادها أن الصورة في السعودية ليست كما يروج لها البعض.

هذه القصة تبين أهمية التواصل، والتعرف على المجتمعات عن كثب، بدلا من تغليب الصور النمطية السائدة. علما أن لكل مجتمع خصوصيته التي يجب أن تحترم. فلا يضير الهندية أن تفخر بالساري الذي ترتديه، كما لا يضير السعودية أن ترتدي عباءتها، وتفخر بها. لكن الأهم أن نتعلم أن نحترم خصوصيات كل مجتمع، ليحترم الآخرون خصوصياتنا، وتقاليدنا.

ومن هنا فإن التواصل هو الأهم، ولو لم تكن زيارة الأمير سلمان للهند إلا من اجل التواصل، لكان ذلك كافيا.

[email protected]