تحية إلى كبيرة القضاة

TT

عندما بدأت «ليا وارد سيرز» تحلم بأن تصبح محامية، كان الحلم صعبا على أميركية سمراء. وعندما تخرجت حلمت بأن تصبح قاضية، وكان ذلك مستحيلا في ولاية جورجيا. وعندما أصبحت قاضية لم تكن تعرف أنها سوف تصبح أول رئيسة قضاة في تاريخ أميركا السمراء.

في «شهر المرأة» جالت السيدة رئيسة، أو كبيرة القضاة، في الولايات الأميركية تحاضر عن تجربتها في هذا العالم؛ التجربة الأولى بعد تخرجها من كلية الحقوق، في الثالثة والعشرين من العمر.. ذهبت إلى حفل في أحد نوادي ألاباما بصفتها محامية الشركة التي تعمل فيها.. قبل الغداء دخلت حمام السيدات تغسل يديها، وبينما هي خارجة دخلت امرأة بيضاء ورمت إليها قبعتها، ظنا أنها العاملة!

تقول إن من نشأ في جورجيا في تلك الأيام، كان يتعلم أن يواجه تلك الإهانات كأنها لم تحدث. وهكذا قالت للمرأة البيضاء: «أنا محامية. ومدعوة إلى الغداء هنا»، ولم تلتفت المرأة إليها، بل أمسكت القبعة ورمتها إلى السمراء الأخرى في المغسل، التي كانت هي العاملة فعلا. بعد ذلك بعقد كانت قد أصبحت قاضية في محكمة جورجيا العليا، وذهبت إلى حضور حفل رسمي، حين اقتربت منها امرأة بيضاء وقالت في شبه تأنيب: «المرة التالية عندما تحضرين كوبا من الماء، تأكدي أنك تكثرين من الثلج»، فنظرت إليها قائلة: «أنا القاضية سيرز. النادلة هناك».

ثمة حادث آخر وقع قبل عامين. كانت السيدة سيرز تمشي مع أولادها في إحدى المدن السياحية، عندما توقفت قربها سيارة صرخت سائقتها: «يا بنت، أين هي الحمامات هنا؟». هذه المرة، أمام أولادها، شعرت حقا بالإهانة: «لماذا أنا؟ هل ثيابي رثة إلى هذه الدرجة؟ هل مظهري هو السبب؟ أم إنه دائما اللون حتى في هذه الأيام؟».

تقول السيدة سيرز إنها بعد 17 عاما في المحكمة العليا بمرتبة «قاض أعلى»، تقاعدت لكي تعود إلى ممارسة المحاماة في شركة خاصة. وكان أول ما خطر لها هو كيف ستطلب من زملائها مخاطبتها؟ إنها تحب اسمها الأول كثيرا. والأميركيون يميلون، بعد معرفة قصيرة، إلى إلغاء الألقاب في التخاطب. لكن لا، سوف تصر على أن يخاطبها الجميع بلقبها: «حضرة القاضية سيرز». لا مجال للخطأ بعد الآن.. لا قبعة ترمى إليها في المغسل. إنها امرأة كتبت صفحة من تاريخ القضاء في أميركا وعلى الجميع أن يعرف ذلك. لا مزيد من «تأكدي أنك تكثرين الثلج في المرة التالية». تحية قلبية حضرة السيدة كبيرة القضاة.