تنفيذ الوصية حرفيا!

TT

ذهبنا نقدم واجب العزاء. ولا أحد منا يعرف ما سوف يقوله الآخر. فالرجل كان أستاذنا ونحن صغار ولكن عندما نراه نصبح صغارا من جديد. ويبقى له عظيم الاحترام. وجلسنا نتحدث عن فضائل الفقيد. وكنا صادقين. ولكن حدث شيء غريب. أو شيء غريب لم يحدث. فقد توفي الرجل ولكن لسبب ما قرر أبناؤه أن يدفنوه بعد أيام. مع أننا نعرف أن ستر الميت هو دفنه. ولا بد أن تكون لديهم أسباب. كأن يحضر أقاربه من أوروبا وأميركا. أو أنهم لم يجدوا مسجدا ليكون ملتقى المعزين رجالا ونساء.

وتساءلنا ولم نتلق جوابا. أو أننا في الحقيقة حاولنا أن نسأل فلما وجدنا عزوفا عن الإجابة. سكتنا. وبقيت التساؤلات والدهشة في عيوننا.

ولم أسترح. فذهبت إلى حيث تجلس السيدات واقتربت من زوجته وسألت. فقالت: أنت عارف كل حاجة!

أنا عارف؟ وكل حاجة؟ لم أفهم. وعدت أسألها: أرجوك. فقالت: إنه أوصى بألا ندفنه إلا بعد ثلاثة أيام.. تماما كما فعل أبوه. فأبوه جاءوا يدفنونه وجدوه حيا.. لقد أغمي عليه وانخفض النبض تماما. ولكنه لم يمت. ولكن أستاذنا قد مات فعلا. رغم أن أحد أبنائه طبيب إلا أنه نفذ وصية والده..

وهذه هي المرة الثانية التي أعرف فيها أحدا قد أصيب بمرض الخوف من الموت (تافيفوبيا) taphe phobia.

أما المرة الأولى فهي مأساة العالم الشهير ألفريد نوبل صاحب جائزة نوبل ومخترع الديناميت. فقد أوصى بأن يدفنوه بعد أسبوع من الوفاة، فقد انتشر في القرن التاسع عشر هذا الخوف، ثم إن كثيرين عندما قرروا أن يدفنوهم نهضوا من فراشهم كأنهم كانوا في سبات عميق..

ورغم أن الزوجة وكل الأولاد على يقين من أن أباهم قد مات. ما في ذلك شك، فإنهم احترموا وصيته.. أو مطلبه الأخير.. أما الذي كان صعبا جدا فقد جاء في وصيته أنه لا يريد جنازة. ولذلك هربوا بالجثة من البيت إلى المقابر - يرحمه الله - كان غريب الأطوار. وليس موته إلا عينة من حالاته العجيبة!