كانتور الجمهوري يرفض التعليق

TT

نجح إريك كانتور على مدار فترة طويلة في تجنب الدخول في مواجهات. منذ أحد عشر عاما، كان حامل السوط عن الحزب الجمهوري داخل مجلس النواب ما يزال نائبا شابا في مجلس الولاية في فيرجينيا عندما أعلن جيري فالويل أن المسيح الدجال سيخرج من بين اليهود. وأثار هذا التعليق موجة انتقادات شديدة من جانب القيادات اليهودية وآخرين، لكن كانتور «كان حريصا على تجنب توجبه نقد علني» إلى فالويل، حسبما أشارت صحيفة مسقط رأس كانتور «ريتشموند تايمز ديسباتش».

عندما توفي فالويل عام 2007، توجه كانتور إلى مجلس النواب للمشاركة في تأبين «قائد عظيم». في الواقع لا يمكن الوصول إلى مكانة الرجل الثاني بين أعضاء الحزب الجمهوري داخل مجلس النواب وأن تصبح الجمهوري اليهودي الوحيد داخل الكونغرس إذا كنت ممن يتخذون مواقف متطرفة داخل حزبك.

وعليه، لا بد وأنه لم يكن من المثير للدهشة أن يصدر كانتور الشهر الماضي بيانا حول التهديدات التي يتعرض لها المشرعون الديمقراطيون، مثل البصق أو إطلاق نعوت مسيئة عليهم وقذف حجارة على نوافذ مكاتبهم. خلال البيان، وجه كانتور كلاما قاسيا، لكن إلى الضحايا.

وأعلن كانتور في البيان «أنا لا أتسامح مع العنف»، واصفا إياه بأنه «من المرفوض» استخدام لغة التهديد كسلاح سياسي، ومتهما الديمقراطيين باقتراف أفعال «تشعل النيران». في الوقت ذاته، لوح كانتور بسلاحه السياسي، منوها بالتهديدات التي تعرض لها لكونه يهوديا وقال: «أطلق عيار ناري عبر نافذة مكتب مسؤولي حملتي الانتخابية في ريتشموند».

كانت الشرطة قد خلصت إلى أن العيار الناري أطلق في الهواء وأن مكتب كانتور لم يكن مستهدفا. خلال الفترة ذاتها تقريبا، انتقل رجل مختل عقليا من فيلادلفيا سبق وأن نشر مقاطع مصورة عبر شبكة الإنترنت مفعمة بالكراهية والتهديدات ضد الكثيرين، بينهم الرئيس أوباما ورئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، والشخصية الكارتونية «بيبي الخنزير»، إلى إصدار تهديدات جديدة. في اليوم التالي لإصدار كانتور تعليقاته، ضبط مكتب التحقيقات الفيدرالي مقطع فيديو معاديا للسامية على شبكة الإنترنت يذكر «حرب يوم كيبور الأخيرة» ويهدد خلاله هذا المختل كانتور بقوله: «لقد تلقيت أعيرتي النارية في مكتبك، تذكر أنها المرة القادمة ستكون في رأسك».

وأثارت أنباء هذه التهديدات، التي جاءت قبل ساعات من الاحتفال بعيد الفصح اليهودي، ردود فعل سياسية متوقعة، حيث عمد أعضاء تيار اليمين إلى التلميح بخبث إلى أن هذا الرجل كان من المتبرعين لصالح أوباما، بينما أبدى أعضاء اليسار غبطتهم بأن هذا المختل يحمل رخصة لامتلاك سلاح ناري.

وأضفى نبأ اعتقال هذا الشخص على كانتور، باعتباره الهدف، سلطة أخلاقية للتنديد بالتهديدات المتصاعدة ومحاولة التخفيف من حدتها. ومع ذلك، لم يعد كل ما فعله إصدار بيان كتابي يعلن خلاله أنه «لن يصدر مزيد من التعليقات على الأمر».

في وقت سابق، عندما تحدث بشأن الرصاصة التي اقتحمت مكتبه، قال إنه لا يتناول علانية التهديدات التي يتعرض لها لرغبته في عدم «التشجيع على المزيد منها». وقد رفض كانتور إصدار تعليق من أجل هذا المقال أيضا.

وأرى أن هذا الموقف مشين، لأن كانتور يعد واحدا من القلائل الذين باستطاعتهم، في خضم موسم عيد الفصح اليهودي، قيادتنا جميعا نحو السبيل للخروج من هذه البرية المقفرة التي نعيش بها. كيهود، ندرك أكثر من معظم الآخرين عواقب تجاهل خطابات الكراهية. ويعد كانتور رجلا متعقلا يحظى باحترام العقلاء من أعضاء حزبه، ويمكنه استغلال نفوذه في تهدئتهم. إلا أنه حتى الآن، يترك لهم كانتور قيادته، والتزم الصمت حيال المشرعين الذين أثاروا الغوغاء بحديثهم داخل الكونغرس حول إصلاح الرعاية الصحية من خلال وقوفهم في الشرفات ورفعهم الأعلام وتلويحهم بها وترديدهم شعارات. بل ودافع مساعدوه عن هؤلاء المشرعين.

كما التزم كانتور الهدوء حيال سارة بالين عندما أخبرت أنصارها: «لا تتراجعوا، وإنما عليكم الاستعداد للقتال»، ووضعت على صفحتها في موقع «فيس بوك» خريطة توضح المقاطعات التي يسيطر عليها الديمقراطيون أمام مسدس. وينطبق القول ذاته على خطة مايكل ستيل، رئيس اللجنة الوطنية بالحزب الجمهوري لوضع بيلوسي «في خط النار» وصيحات أقرانه القائلة «يسقط الطغيان» و«يسقط قتلة الأطفال».

لا بد وأن مثل هذه المشاعر مفزعة لكانتور، الذي ينتمي إلى الطراز الكلاسيكي لأعضاء الحزب الجمهوري. عندما ترشح كانتور لنيل عضوية الكونغرس، دارت قضيته الرئيسة حول توفير اعتمادات ضريبية لأغراض التعليم، واتخذ توجهات يسارية مقارنة بمنافسه الرئيسي حيال قضايا مثل الإجهاض وسياسة التعليم الفيدرالية.

وتطهر ومضات من هذا الجانب من شخصية كانتور من حين لآخر حتى الآن. عندما حضرت اجتماع شعبي استضافه في ريتشموند في الخريف بمشاركة عضو ديمقراطي في الكونغرس، دعا كانتور أقرانه «بوقف الحديث عن جهود الإحياء» أمام حشود حركة «حفل الشاي»، وتوقع التوصل إلى اتفاق بشأن إصلاح الرعاية الصحية بحلول نهاية العام. لكنه عاد بعد ذلك إلى واشنطن.

في الواقع، يعي كانتور جيدا كيف يمكنه التنديد بالأفكار المتطرفة. عندما ألقى جيم موران، عضو مجلس النواب عن فيرجينيا عام 2007 باللوم عن التورط في حرب العراق على اللوبي الإسرائيلي، وصف كانتور الادعاء بأنه «مناف للمنطق ومفعم بالتعصب».

وكان صائبا في ذلك، لكن هذا التنديد لم يكن بالأمر العسير بالنظر إلى أن موران ينتمي للحزب الديمقراطي. ويتعين على الرجل الشجاع التعامل مع أصدقائه بنفس الشجاعة.

*خدمة «واشنطن بوست»