«كريستيان ديور» العصور الوسطى!

TT

مدينة بغداد في العصور الوسطى كانت مثل باريس في العصر الحديث: مركز الإشعاع الثقافي والحضاري. وفي ذلك الوقت كان الموسيقار والمطرب زرياب يقوم بدور كريستيان ديور.. فهو الذي نقل أجمل ما في بغداد إلى قرطبة ومنها إلى الأندلس. وهو وحده الذي نقل أحسن الأقمشة وأزهى الألوان من بيوت الخلفاء إلى بيوت النبلاء. وهو الذي أتى معه من بغداد بمعجون الأسنان ومزيلات العرق والعطور والعجائن العطرية كالصابون العطري.

وكتب تاريخ الأندلس تعطي من صفحاتها مساحات كبيرة للرجل الأسطورة زرياب وتنسب إليه أنه ارتقى بالذوق العام في الأندلس.. دون الرجال والنساء.. ووصفوه بأنه الرجل الشيك في كلامه وطعامه. وأنه كان يلفت الأنظار إلى طريقته في الكلام والجلوس إلى المائدة أيضا. وكيف يأكل على مهل ويمضغ ويتحدث ويشرب بأناقة. وكان يكره مثل هذه الكلمات: يحب الشراب.. ويلتهم الطعام.. ويحشر اللحم والأرز في جانب من الفم.. وكان يضع على مائدته الكثير من المناديل، هذه لليدين وهذا للشفتين وهذا للجبهة وهذا للعنق.. وهو أول من لفت أنظار النساء إلى أن مناديل المرأة يجب أن تكون مختلفة اللون والحجم وأن تكون معطرة أيضا.

وكان يسرف في شكر الناس حوله.. شكر الخدم والعبيد وشكر النبلاء. وكان يدعو الناس إلى ذلك. فكأنه (مانيكان) أوفدته بغداد ليعلم أوروبا كيف يكون الإنسان عصريا. هل كل هذا قد حدث؟ كل مؤرخي الأندلس من الأوروبيين يؤكدون ذلك!