شكراً نتنياهو

TT

لا أدري كيف يفكر بنيامين نتنياهو كرئيس وزراء إسرائيل، لكن مما فعله يبدو لنا الرجل حتى الآن، إما أنه عميل سري للعرب أو مصاب بجنون العظمة، يعتقد أنه يستطيع أن يفعل كل ما يتمناه!

فمن صلف التحدي أن تعلن السلطات الإسرائيلية عزمها على طرد الفلسطينيين من الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما لو أنه لم يكن كافيا أن تبني للمستوطنين اليهود الجدد مساكن على أراض تعتبر في الشرعية الدولية محتلة. هذا الرجل يرى أن الولايات المتحدة في ورطة كبيرة، اذ انها تحاول مواجهة إيران، وتحدي القاعدة، وتهدئة العرب، وإسكات المجتمع الدولي، ومع هذا لا يكف نتنياهو عن إحراجها وخلق المزيد من المشاكل لها.

ومن حسن حظ الجانب الفلسطيني أن إسرائيل سارت في هذا الطريق الخطر سياسيا، لأنها على وشك أن تكون في عين العاصفة الدولية، ولن تفيد محاولاتها التخفيف من القضية، مدعية أن الإبعاد عملية روتينية لكل الوافدين الذين لا يملكون إقامة قانونية، وسبق أن نفذتها في السنوات الماضية.

لحسن الحظ أن بنيامين نتنياهو يرتكب كل هذه الحماقات، وهو أصلا صاحب سمعة سيئة من قبل، تجعل من الصعب عليه وعلى حلفائه تبرير ممارساته. ما فعله حتى الآن أفسد على الإسرائيليين علاقاتهم مع الإدارة الأميركية الحالية برئاسة باراك أوباما، خاصة أنها مليئة بالمتعاطفين أو المحسوبين على إسرائيل. حتى هؤلاء لم يعودوا يرغبون في تبرير ممارسات نتنياهو، وبسببها تحاشى حضور القمة النووية في واشنطن، وقبلها تناول أسوأ قهوة في البيت الأبيض في جلسة استمع فيها الى ساعتين من التوبيخ من الرئيس الأميركي.

نتنياهو مشكورا خدم الجانب العربي، فأفسد علاقات إسرائيل مع معظم الحكومات الأوروبية، وآخرها الحكومة الفرنسية التي أوحت أنها لم تعد تستطيع الدفاع عن تل أبيب.

فإذا كانت الحكومة الإسرائيلية تصر على بناء المستوطنات، وتقوم بطرد الأهالي الفلسطينيين، وتمارس الاغتيال علانية مثل الجماعات الإرهابية، فإن المجتمع الدولي أصبح مضطرا للتدخل، ولن تستطيع واشنطن أو باريس أو غيرهما من العواصم المتعاطفة عادة، منح الفيتو لإسرائيل.

نتنياهو عمليا يسرع بتبني العالم للمشروع الأوروبي الذي يقول بإعلان دولة فلسطينية مستقلة على أراضي الـ67. المشروع الذي لا يزال يراوح مكانه بسبب وعود واشنطن، بأنها تسعى لحل سلمي يتفق الطرفان من خلاله على دولتين، ونهاية سعيدة. وطالما أن نتنياهو لا يريد حلا من أوباما، ولا حلا من أوروبا، ويريد هدم بيوت الفلسطينيين من القدس، وتهجير الآلاف منهم الى خارج الضفة الغربية، فهل يعقل أن يسكت العالم على هذا المنظر البشع؟

إسرائيل تعترف أنها تعتزم طرد آلاف الفلسطينيين من أراضيهم، ليس الى أراض فلسطينية أخرى، كما جرت العادة، بل أسوأ من ذلك تريد إبعادهم نهائيا. وهذا سيجعلها أكبر قصة في العالم العربي والعالم الإسلامي والعالم أجمع، وسيجد العرب أنفسهم مرة ثانية عاجزين عن محاربة القاعدة والإرهاب وإيران وكل الأطراف التي تريد الاستفادة من العواطف الغاضبة.

هل يستطيع السيد نتنياهو أن يواجه كل هؤلاء؟ وهل هو مستعد لتحمل المسؤولية لما سيحدث في العالم بسببه؟

[email protected]