ابحث وقل لي.. حاضر يا ريس!

TT

كان مستشار الأمن القومي هنري كيسنجر قد دعا الرئيس السادات إلى غداء في وزارة الداخلية، وذهبنا، وكان رجل البروتوكول يسأل كل واحد عن اسمه ليقدمه لهنري كيسنجر، ويردد كيسنجر الاسم كأنه يعرفك، مع أنه لا يعرف إلا السادات..

وجاء دوري فسألني، فقلت: «دكتور حسب الله..»، فردد الرجل الاسم وكذلك كيسنجر، وسألني السادات مندهشا، فقلت: «يا ريس ما أهمية اسمي لرجل يحكم العالم؟ فاخترت أي اسم»، فاستوقفني وحكى لكيسنجر ليضحك الاثنان..

وجاء جلوسي في «الترابيزة» المجاورة للمائدة الرئيسية، وأثناء الطعام كان الرئيس السادات يبعث في طلبي ليقول: «ذكرني بفلان.. وذكرني بما نشر اليوم في الصحف الأميركية.. واطلب الصحافيين في إسرائيل واسأل عن الواقعة الفلانية..».

- حاضر يا ريس..

وأخرج ورقة من جيبي وأكتب حتى لا أنسى.. وأصبحت عادة؛ ففي الوليمة التي أقامتها السيدة سيمون فييي في لوكسمبورغ طلبني الرئيس، فقلت: نعم يا ريس. لقد ظهر سفير إسرائيل وقال كل ما همست به ليكون سرا بينك وبينه. وتوقف الرئيس عن الطعام وقال لي: اطلبه واسأله ما المعنى.. أما أنا فقد عرفت المعنى. إنه أراد أن يفسد علينا كل شيء سوف أقوله غدا. شكرا.

وعلى مائدة الرئيس تيتو استدعاني الرئيس السادات وقال: «قرب أذنك.. قرب. انظر كيف يأكل الرئيس تيتو.. كافيار وزبد ويشرب فودكا.. ثم لا يخاف من الكولسترول. ابحث لي في هذا الموضوع..».

- حاضر يا ريس..

مرة ثانية استدعاني، وقال: «نشرت الصحف الفرنسية اليوم تكذيبا من شارلي شابلن قال فيه إنه لا يتعاطى المقويات التي ذكرتها الصحف. ابحث لي عن صحة هذا الكلام».

- حاضر يا ريس..

وعدنا إلى القاهرة. وتكون غلطانا لو تصورت أن السادات قد نسي؛ أبدا. كل يوم يسأل: «إلى أين وصلت في البحث؟»، فأقول: «إنني أبحث يا ريس!».

وبحثت ووجدت ما أدهش الرئيس. ولم ينته الأمر عند ذلك؛ وإنما طلب مني أن أعيد البحث!