وردعا لمن تسول له نفسه

TT

هناك مثل شعبي واسع الانتشار عربيا، لعله وصل إلى ثقافتنا الشعبية عبر احتكاكنا الطويل بشبه القارة الهندية، والمثل يقول: «هندي يربي الهند»، أي إن الحزم مع شخص واحد يمكن أن يصلح مجتمعا بأكمله، والمثل كما ينطبق على الهنود ينطبق على العرب والعجم وسائر المجتمعات الإنسانية. أتذكر هذا المثل في كل مرة أقرأ فيها خبرا عن تمكن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية من الإطاحة بمبتز للنساء عبر التهديد بنشر صورهن، وإفشاء أسرار علاقاتهن. وهذه النوعية من الأخبار في صحفنا أكثر من الهم على القلب، حيث يندر أن يمر أسبوع من دون أن تنشر الصحف خبرا أو أكثر عن إلقاء القبض على مبتزين. وتكرار مثل هذه الأخبار يعني أننا في مواجهة ظاهرة لا أخلاقية يمارسها بعض شبابنا تجاه الجنس الآخر، من خلال التغرير بهن، وما يتبع ذلك من ابتزاز وتهديد، ويعكس انتشار هذا الأمر خللا تربويا تعيشه بعض بيوتنا، ولم تتمكن مؤسساتنا التربوية من علاجه أو محاصرته بالوعي. وأحدث هذه النوعية من الأخبار ما نشرته صحيفة «الرياض» في عدد أمس بعنوان «هيئة المدينة تخلص 117 فتاة من محتال الوظائف النسوية»، ويشير الخبر إلى أن الهيئة ألقت القبض على محتال دأب على ابتزاز عشرات الفتيات والإيقاع بهن في شباكه من خلال تقمص شخصيات وأدوار متعددة مكنته من التعرف على 117 فتاة، وابتزاز عدد منهن.

والابتزاز نوع من الاغتصاب أو هو مقدمة له، حيث تجد المرأة الهشة نفسها مستسلمة لمطالب المبتز، ومكرهة على الإذعان لرغباته، والمغتصب يفعلها مرة واحدة، بينما المبتز يكره ضحيته على الاستسلام له مرات ومرات. وقد وعت المجتمعات الإنسانية منذ فجر التاريخ خطورة جرائم الاغتصاب، واجتهدت في وضع كثير من العقوبات الرادعة لهؤلاء؛ ففي مصر القديمة كانت عقوبة المغتصب للمرأة بتر أعضائه التناسلية، وهذه العقوبة أيضا جزء من الأعراف القديمة لدى بعض القبائل في أفريقيا، وبعض الجماعات في شبه القارة الهندية.

وتقتضي حماية النساء من المبتزين تغليظ العقوبات وإعلانها؛ فوسط مئات الأخبار التي تنشرها الصحف عن هذه الجرائم لم نقرأ خبرا واحدا عن نوعية العقوبات التي تحل بمرتكبيها، الأمر الذي نأمل أن تعالجه مؤسساتنا القضائية حماية للمجتمع وردعا لمن تسول له نفسه الإقدام على مثل هذا الجرم الفادح الشائن.

[email protected]