أريد الجهاز.. لتتحسن نفسيتي

TT

ميزة الشباب في أوروبا وأميركا، وكذلك في اليابان ونمور آسيا، والآن تبعت الركب الصين والهند التي كانت تركب الأفيال، ميزة الشباب هناك أن فرص البحث والتجريب متاحة أمامهم في أهم المواضيع وأتفهها كذلك، فتراهم يقبلون على اقتحام المستقبل من دون رهبة ولا تعقيد. والحكاية وما فيها أن هناك ثلاثة من الشباب الأميركان، اكتشفوا أنه يعيش في بلادهم ما لا يقل عن سبعين مليون كلب - أي أن عددهم يفوق عدد الأطفال دون الخامسة عشرة بنحو عشرة ملايين - وأن من يربونها يتعلقون بها إلى درجة أن 40% منهم يسمحون لتلك الكلاب بأن تدخل صالوناتهم ومطابخهم وحتى أن تنام مع بعضهم على الأسرة في غرف النوم. طبعا إنني شخصيا أتحفظ على هذا الأسلوب المبالغ فيه والخارج عن النظافة والذوق.

ولكن كيف تمكنت تلك الكلاب أن تحظى بهذه الحميمية في حياة القوم هناك؟

تزعم أو تقول إحدى النظريات «إن الكلاب أصبحت معتادة على أساليب التفكير البشرية بعد أن عاشت وصاحبت البشر منذ آلاف الأعوام، وهي لذلك تتمتع بحساسية غير عادية تجاه السلوك البشري، فهي قادرة مثلا على تتبع إشارات وإيماءات وتوجيهات الإنسان وكأنها أصبحت لغة مشتركة بينهما، وهي ميالة إلى إطاعة الأوامر الصادرة لها بترك شيء مرغوب إذا كان سيدها داخل الغرفة مقارنة بحالها إذا ترك الغرفة».

من هنا خطرت الفكرة لهؤلاء الشباب الثلاثة، خصوصا أنهم أجروا مسحا أو استبيانا عشوائيا بين مختلف شرائح وطبقات المجتمع، وعرفوا أن هناك معاناة شديدة يتكبدها الرجال والنساء الذين يربون كلابهم على حد سواء، وهذه المعاناة ناتجة عن فراق كلابهم القسري بين الحين والآخر، إما بداعي العمل اليومي أو الأسبوعي أو رحلات العمل الإجبارية التي قد تمتد أياما، كما أن الكلاب كذلك تعاني نفسيا من فراق أصحابها لها. فتفتقت قريحتهم عن اختراع «روبوت» متحرك ومرن وذي مزايا لا تخطر على البال، وهذا الروبوت له شاشة مستديرة تظهر من خلالها صورة واضحة لصاحب الكلب، فإذا كان بعيدا في عمله أو في رحلة ما، فإنه في وقت فراغه يستطيع أن يشغل ويحرك ذلك الروبوت عن بعد ببث مباشر، ويبدأ بمناداة كلبه وإصدار الأوامر له، وقد شاهدت ذلك الاختراع في برنامج تلفزيوني، فصاحب الكلب يأمره مثلا أن يقف على قدميه فيقف، أو يرقص فيرقص، أو يتقلب على ظهره وبطنه فيفعل، أو يرمي له بكرة التنس فيجري لإمساكها ثم إعادتها للجهاز، أو يرشه بالماء فيتقافز فرحا، أو يأمر الروبوت فيقدم له أكلا، أو إذا جاء وقت إخراج فضلاته - أعزكم الله - فإنه يصدر توجيهاته، فيتحرك الكلب وراء الروبوت الذي يفتح له الباب، وما هي إلا دقائق حتى يعود الكلب ركضا إلى صاحبه بعد أن يقضي حاجته في الخلاء، ثم يدخلان مرة أخرى للمنزل، والغريب أن الكلب لا يتحرك ولا ينفعل ولا يتجاوب إطلاقا مع الروبوت إذا لم تكن صورة صاحبه ظاهرة على الشاشة.

وتهافت أصحاب الكلاب بالآلاف على شراء هذا الجهاز الذي احتكر براءة اختراعه هؤلاء الشباب الثلاثة وكسبوا من ورائه الملايين بعدما كانوا مفلسين.

ومما زاد من اقتناع الناس به وانتشاره أن «الأطباء النفسانيين للحيوانات» قد أكدوا تحسن نفسيات الكلاب بصورة ملحوظة، وقلت حوادثها، كما أن «الأطباء النفسانيين للبشر» قد أكدوا كذلك تحسن نفسيات مقتني الكلاب بدرجة كبيرة، وأصبحوا أكثر مرحا وأقل قلقا ومشكلات، وإنني أتمنى أن أقتني ذلك الجهاز رغم أنه ليس عندي لا كلب ولا كلبة، عندي فقط بعض الجرابيع.

[email protected]