وهدفها النبيل: دكتوراه في العلوم!

TT

نفرض أنك قرأت كتابا وأعجبك، وفجأة عرفت أن الكاتب ليس له سوابق. هل ترجع في كلامك وتنكر إعجابك به..؟

إن الأديب الفرنسي جان جينيه كان لصا، وأصر على أن يبقى كذلك، وعنده شذوذ جنسي. وأعجب به الفيلسوف الوجودي سارتر لدرجة أن كتب عنه كتابا في ألف صفحة بعنوان «القديس جينيه». ويوم سرق وضبطوه أدخلوه السجن وقامت مظاهرة من كل أدباء فرنسا وشعرائها يطلبون العفو عنه لأنه رجل مريض عقليا، وعفا عنه رئيس الجمهورية..

وأنت تقرا أوسكار وايلد وسخريته الرائعة وأنت تعرف أنه شاذ جنسيا، وكذلك الفيلسوفان سقراط وأفلاطون والشاعر شكسبير والشاعر العربي أبو نواس.. وغيرهم كثيرون لهم هذه العيوب الخلقية، بكسر الخاء.

حدث أخيرا أن ظهرت رواية وبعدها رواية لكاتبة بريطانية اسمها مانياني.. والروايتان عن حياة الغانيات. وفجأة أعلن عشيق هذه الأديبة أنها كانت غانية ترتاد الشوارع، وأن هذه مهنتها.. فكان لا بد لها من أن تقول إنها كانت تريد أن تكمل دراستها العلمية البحثية، وإنها لم تجد وسيلة للإنفاق لكي تحصل على الدكتوراه في العلوم إلا أن تكون غانية.. تتلكأ في الشوارع نصف عارية، وإلا فإنها تجلس في الكباريهات لتكون تحت الطلب.

فانقسم الناس: أناس معها بمنتهى المرارة، وأناس ضدها. والذين معها يرون أنها لم تكن غانية؛ بل محترمة، وإنما احترفت من أجل هدف نبيل؛ أن تمضي في أبحاثها العلمية وأن تحصل على أعلى الدرجات. وبعد أن حصلت على الدكتوراه في العلوم جلست في بيتها تتأمل وتكتب، ولم تنخفض مبيعات كتبها؛ فأخلاقياتها لا تخص أحدا، وإنما الذي أنجزته. وكم في الآداب والفنون والفلسفة والعلوم من أناس ولدوا منحرفين؛ لا باختيارهم، وإنما مرضهم خلقي.. وهي أيضا!