ساهر في الرياض

TT

يبدو أن يوم أمس كان يوما ثقيلا جدا على الذين ألفوا السرعة الجنونية، وقطع إشارات المرور، وعكس الطريق، أو الاستعراض الجنوني بمركباتهم، فالرياض منذ صباح أمس لم تعد المدينة المناسبة لهؤلاء، فكاميرات «ساهر» ستصور كل حركاتهم وتصرفاتهم، وستفرض على الجميع التقيد بنظام السير، والخضوع لإجراءات السلامة، وقد يفكر أحد في الأيام الأولى في اختبار مصداقية هذا المشروع الإلكتروني ليتأكد من فعاليته، وحتما سيتنبه على رسالة تصل إلى هاتفه بالمخالفة المرتكبة.

وأنا على يقين بأن تعوّد احترام أنظمة السير يكسب الفرد خاصية احترام الأنظمة بأكملها، فالخبرة الواحدة تتسع لتشمل الكثير من أوجه السلوك، ولذا فأنا أنظر لمشروع «ساهر»، الذي بدأ تطبيق المرحلة الأولى منه يوم أمس في الرياض، بقدر كبير من الأمل في أن يسهم - إلى جانب حماية الأرواح، وإنهاء حروب الشوارع اليومية التي تشهدها طرقنا - في تعويد البعض على النظام الحياتي الشامل. فهذا المشروع الإلكتروني الذي يتشكل من عدة أنظمة هي: نظام تشغيل وإدارة الحركة المرورية آليا، ونظام التعرف على لوحات المركبات، ونظام اللوحات الإرشادية الإلكترونية على الطرق ونظام كاميرات مراقبة الحركة المرورية ونظام الضبط الإلكتروني للمخالفات، ونظام تتبع مركبات جهاز المرور، من شأنه أن يحدث نقلة نوعية كبرى في تفكير السائقين والارتقاء بسلوكياتهم.

وكلي ثقة في أن المشروع، الذي طبق أخيرا في العاصمة الرياض، سيجد طريقه إلى بقية مدننا سريعا، فجميع مدننا تعاني من مجانين الطرقات الذين يخطفون روحا إنسانية في كل ساعة زمن، والإحصاءات تصيب متأملها بالرعب، وقد تجعله حبيس داره إلا في الضرورة بعد أن غدت الشوارع كالبحر؛ داخلها مفقود وخارجها مولود، والعربات التي صنعت لخدمة الإنسان تحولت في يد المتهورين إلى أدوات قتل، ووسائل إحالة إلى قوائم العجزة والمعوقين، ولذا فإن مشروع «ساهر» ينبغي أن يصاحب برفع سقف العقوبات، فأمن المجتمع يقتضي استخدام مختلف الوسائل لتحقيقه، والشكر لكل من أسهم في أن يصبح هذا المشروع العصري واقعا تعيشه عاصمتنا الرياض كمقدمة لتعميمه على بقية المدن، ولا يخالجني شك في اعتبار هذا المشروع من أهم المشروعات، ومن أكثرها تلبية لاحتياجات أمننا.

[email protected]