انتخابات إقليم كردستان.. الكاريزما تغلب التوقعات

TT

أثار النصر الذي حققه التحالف الكردستاني جملة من التساؤلات بشأن الفوز الكبير، ولا سيما الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي خاض الحملة الانتخابية بأداء مميز، أكد أنه استطاع الاستفادة من تجربة الانتخابات البرلمانية السابقة في الإقليم، محققا نجاحات رائعة، واللافت للنظر أن هذه الحملة أتت عبر سلوك انتخابي ديمقراطي، أكسب الحزب احترام الشعب، إذ لم نشهد أي دعاية انتخابية سلبية، أي التشهير بالخصوم أو الفرقاء السياسيين، فضلا عن تأكيد السيد مسعود البارزاني دور المعارضة، مؤكدا ضرورة وجودها لإغناء التجربة السياسية الديمقراطية في الإقليم، شريطة الالتزام بالدستور والقوانين المرعية، واحترم الآراء المختلفة، مما أظهر للشعب دوره القيادي وحنكته السياسية التي تتكئ على إرث نضالي عريق وتجربة كبيرة.

مما حيد الفرقاء تجاه أي موقف متشنج على عكس ما شهدناه في أماكن أخرى من الإقليم مثل (السليمانية)، حيث الصراع الانتخابي الذي اتسم بطابع الدعاية الانتخابية السلبية، إذ شهدت بعض المناطق مناوشات وإطلاق نار وحملات تشهير إعلامية، على العكس مما جرى في أربيل ودهوك، حيث انطلقت مئات السيارات رافعة الأعلام ومصحوبة بالدبكات وأبواق السيارات والموسيقى من جماعات التغيير والجماعات الإسلامية وهي ترفع الأعلام، مرت هذه الاحتفالات وهي محروسة بالقيادة الأمنية «لمسرور البارزاني»، إذ لم تحدث أي خروقات أمنية تسيء إلى حملات المعارضة الانتخابية.

ولكن من المميزات الأخرى في الأداء للحملة الانتخابية هو ضخ وجوه جديدة شابة بعناية ودقة معتمدين على زج كوادر مشهود لها بالنزاهة والكفاءة التي جاءت كاستجابة لما أفرزته التجربة السابقة، إذ كان الأداء ضعيفا، إلا أننا هذه المرة رأينا توجها مغايرا في جميع مفاصل الأداء الانتخابي من القضايا الأمنية إلى اللوجيستية، لكن أهم ما نؤشره أو نعده قد أثر تأثيرا كبيرا في نجاح الحزب ولا سيما في أربيل ودهوك هو ما قام به مسرور البارزاني من جولات كثيرة على طول الخارطة الجغرافية للإقليم وعرضها، إذ كان قريبا من القطاعات المسحوقة والفقيرة، ونظرا لما يتمتع به من كاريزما، وخلق رفيع مكنه أن يقترب من هموم الناس، وأداؤه العالي المهني المشهود له بالنجاحات والخلو من أي مثلبة أو تأشير خطأ وجميع هذه الأمور ساعدته في قيادته للحملة الانتخابية للحزب. فعلى الرغم من الالتصاق بالطبقات الفقيرة والشبابية كانت له جولات في مختلف المؤسسات العلمية والتربوية، فضلا عن التقائه بكثير من منظمات المجتمع المدني، وأهم ما يميز هذه النشاطات هو التوافد الغفير من أبناء الشعب لها، فكانت كرنفالات فرح جماهيرية، أثرت بالسيكولوجية الجمعية للناخبين.

برأينا هذا الأداء يعد أهم ركيزة لأداء الحزب في حملته الانتخابية، بعد أن كانت التوقعات تشير إلى إخفاقة متوقعة للحزب إثر الأداء غير المقنع في انتخابات برلمان كردستان، بأن المعارضة في الإقليم ستأكل من جرف التحالف الكردستاني، إلا أن أداء الحزب الديمقراطي الكردستاني أثبت العكس واستطاع أن يقلب التوقعات معتمدا على جملة من الأمور ذكرنا بعضها آنفا.

هنا لا بد أن نشير إلى دور مسرور البارزاني في استتباب الأمن ورؤيته العراقية في ذلك، فهو يرى أن أمن الإقليم من أمن العراق والنجاح الأمني العراقي هو دعم لأمن الإقليم وتأكيده المستمر على وحدة التراب العراقي، إلى جانب تأكيده الدائم على احترام المكونات العرقية والاثنية والدينية والطائفية والثقافية، يلاحظ ذلك عبر الاهتمام بحقوق المكونات، بوصفها أرقاما صعبة، ومصداق ذلك هو العلاقة بالإيزديين، والشبك، والتركمان، والمسيحيين في الإقليم، مما انعكس على تصويت هذه المكونات لصالح التحالف الكردستاني.

إذن جملة المعطيات التي ذكرناها شكلت دافعا قويا للتصويت للديمقراطي، لكن هذا النجاح لا يكتمل إلا إذا أحسن الحزب قيادة التحالف لقوى الإقليم، متمثلة في التحالف الكردستاني إلى جانب المعارضة من التغيير والاتحاد الإسلامي والجماعات الإسلامية للدخول القوي في مجلس النواب العراقي.

* كاتبة وأكاديمية من إقليم كردستان العراق