رقم السعد

TT

تمنيت أن يقرأ جميع الكتاب والناشرين العرب عن أحوال النشر في البيرو. والواقع أنني لم أشك يوما من سرقة أي كتاب لي أو من تزوير طبعاته. لست في مثل هذه الشعبية. لكنني طالما سمعت ناشري القواميس يرفعون القضايا ضد لصوص الكتب وسارقي الجهود. وكنت أعتقد أن التزوير آفة عربية إلى أن قرأت للكاتب دانيال الأركون عن تزوير الكتب في بلاده، البيرو.

يقول إنه قرر أن يهدي نسخا من كتابه الجديد إلى مكتبة السجن المركزي في العاصمة، ليما. ولما اجتمع بالسجناء وجد أن كل واحد منهم يحمل نسخة مزورة. ومرة ذهب إلى مدرسة في بلده ليست فيها مكتبة واكتشف أن التلامذة حصلوا على 300 نسخة مزورة. ويقول إن الكاتب الذي لا تزور أعماله يشعر بالضيق، لأن هذا يعني أنه غير مقروء. أما الناشرون الأصليون فيضعون على جميع الطبعات إشارة «الطبعة الأصلية»، وذلك للتأكيد على أن الكتاب لقي من النجاح ما جعله يتعرض للتزوير.

تصادف مرة أن بلغ أحد كتبي مرحلة الطبعة الثانية، ولا أعتقد أن المؤلف يمكن أن يلقى إطراء أفضل من ذلك، ففرحت بالأمر، مع أن الناشر لم يبلغني بالأمر ولا حاول أن يطلب رأيي، دعك من موافقتي. وخطر لي بعد سنوات أن أعرف عدد النسخ التي بيعت بحيث يستحق الكتاب طبعة ثانية. وجاءني الجواب رسميا: 12! كنت أعتقد أنه لكي يستحق الكتاب طبعا ثانية يجب أن تباع منه 12 ألف نسخة، أو 120 ألفا. غلط: الرقم الحقيقي هو 12!

ماذا فعلت؟ رحت أقرأ عن النشر في البيرو. إنها الطريقة الوحيدة للتعزية في عالم النشر.

منذ أن عقدت اتفاقا مع «دار العبيكان» لم أعد في حاجة إلى مراجعة الناشر.. تذهب إلى أي مكتبة من مكتبات العبيكان، في أي وقت من الليل أو النهار، وتطلب بيانا بالمبيعات، وتأتيك الأجوبة بعد لحظات: عدد النسخ التي بيعت في المعارض.. وعدد النسخ المبيعة في الفروع.. وعدد النسخ الباقية في المستودعات.. وأحمد الله على أرقام المبيع؛ لا يظهر بينها جميعا أي أثر للرقم 12.