عندما توجه الإهانات إلى العريس

TT

أن نستطيع المحافظة على هدوء أعصابنا في هذا الزمن المتشابك المستفز، لا شك أننا لو استطعنا ذلك، فهذه أشبه ما تكون بـ(علامات الساعة) - أي علامات يوم القيامة - فالكثير من الناس الذين أشاهدهم أو أتعامل معهم أصبحت أنفسهم على (أطراف مناخيرهم) مثلما يقال، وأعصابهم فلتانة، بل إنني أشاهد بعضهم وهم يتخبّطون من شدة الغضب لا يخطر على بالي غير ذكر (الموس)، وهو حيوان أكبر من الوعل وأصغر من الثور، ويعيش في المناطق الثلجية من شمال العالم، وهذا الحيوان عندما يغضب يمرّغ رأسه بالوحل، وهكذا هم بعض الناس ممن يفقدون أعصابهم ويتقلّبون على (جمر الغضا).

ولكن هل يمكن القدرة على المحافظة على هدوء الأعصاب؟!

هل العصبية الزائدة عن الحد مكتسبة أم تولد مع الإنسان؟!

غير أن بعض الناس يهدئون أعصابهم وأعصاب الآخرين باللجوء إلى سرعة البديهة والردود المرحة في الوقت المناسب، وهي طريقة ليست بسهلة ولكنها ممكنة.

وتحضرني قصة ذلك القائد الذي أراد أن يعيد الطمأنينة إلى جنوده بعد هزيمة منكرة، فقال لهم: كان يمكن أن تسوء الأمور أكثر من ذلك. فعلا صوت من مؤخرة الصفوف متسائلا: كيف؟! فقال له: كان من الممكن أن تمطر السماء.

أو ذلك العضو في أحد المجالس البرلمانية عندما كان يشترك في مناقشة مريرة حول مراقبة الأسعار، وطالت المناقشة 14 ساعة ولم يصلوا إلى حل، وبلغ الليل منتصفه، فما كان منه إلا أن وقف قائلا: إننا نواجه موقفا غريبا، فالذين لا يريدون أية رقابة سيصوتون ضد هذا القانون، ومن الجلي أن بعض الذين يريدون المزيد من القيود سيصوتون ضده أيضا. وهذا يذكرني بتلك العانس التي ذهبت إلى متجر للأثاث وسألت عما إذا كانت تستطيع مبادلة سريرها العريض القديم الطراز بسريرين صغيرين متماثلين، فقال لها موظف المتجر: وما الغرض من ذلك؟ فأجابته بقولها: إنني أعيش بمفردي، وقبل أن آوي إلى فراشي كل ليلة أنظر تحت السرير لأرى ما إذا كان تحته رجل.. وستتضاعف فرحتي إذا كان لدي سريران!

وسبق لي أن سألت طبيبا نفسيا يعمل في مستشفى للأمراض العقلية عن قدرته في احتواء ما قد يتعرض له، فقال: إن المريض يكون غاضبا من شخص آخر، ولا تنسَ أن العراك يستلزم وجود شخصين، لهذا بعضهم يصبون جام غضبهم عليّ، وبالأمس واجهتني مريضة تريد العراك وقالت دون مقدمات: إن جميع أطباء الأمراض العقلية مجانين. فلم أملك إلا أن أقول لها: إنه فعلا أمر مضحك، هل تصدقين أن هذه الفكرة بالذات قد راودتني وأنا في السيارة في طريقي إلى المستشفى؟!

أما ألطف تقليد تتبعه بعض القرى الباكستانية، فهو أنهم يجذبون العريس أمام أقارب العروسة ثم يوجهون إليه أكبر الإهانات، وفكرتهم في ذلك أنه إذا استطاع احتمال ذلك الموقف فإنه لن يخشى بعد ذلك مما ستقوله عروسته بعد ذلك.

وهذا هو ما حصل لي فعلا، أو ما تخيلته.

[email protected]